للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذَكَرَها أبو زَيْد البَلْخِيّ في كتابه، فقال (١): والحَدَث ومَرْعَش هما مَدِينَتَان عَامِرتَان (a)، فيهما مياه وزُرُوع وأشْجَار كَثِيرة، وهما ثَغْران.

قُلْتُ: وبين مَرْعَش والحدث ثمانية فراسخ، وهي في زَمننا هذا في أيْدي المُسْلِمين، تسلَّمها نُور الدِّين مَحمُود بن زَنْكي من جُوسْلِين حين أُسر، ثمّ استَولَى عليها الأرْمَنُ في سَنة ستِّ وخمسين وستُّمائة من أيدي نُوَّاب مِلك الرُّوم كَيْكَاوُس بن كَيْخُسُرُو بن كَيْقُبَاذ.

وذكَرَ أحْمَد بن يَحْيَى البَلاذُرِيّ في كتاب البُلْدَان (٢)، ممَّا نَقلَهُ عن مَشَايخ الشَّام، وقالوا: وجه أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح - وهو بمَنْبِج - خالد بن الوَلِيد إلى نَاحيةِ مَرْعَش، ففَتَح حِصْنَها، على أنْ جَلا أهْلَه ثمّ أخربَهُ. وكان سُفيان بن عَوف الغَامِدِيّ (a) لمَّا غَزَا الرُّوم سنة ثلاثين، دَخَلَ (b) من قبل مَرْعَش، فسَاح في بلد الرُّوم، وكان مُعاويَة بني مَدِينَة مَرْعَش، وأسكنها جندة، فلمّا كان موت يَزيد بن مُعاوِيَة كَثُرت غارات الرُّوم عليهم، فانْتَقَلُوا عنها.

قال (٣): ثمّ إنَّ العبَّاس بن الوَلِيد بن عَبْد المَلِك صار إلى مَرْعَش، فَعَمَّرَها وحَصَّنَها، ونَقَل النَّاس إليها، وبَنَى لهم (c) مَسْجِدًا جَامِعًا، وكان يقْطَعُ في كُلِّ عامٍ على أهلِ قِنَّسْريْن بَعْثًا إليها. فلمَّا كانت أيَّام مَرْوان بن مُحمَّد، وشُغِل بمُحَاربَة أهْل حِمْصَ، خَرَجت الرُّوم فَحَصَرت مَدِينَة مَرْعَش حتَّى صَالَحَهُم أهلُها على الجَلاءِ، فَخَرجُوا نحو الجَزِيرَة وجُند قِنَّسْريْن بعيالاتهم،


(a) في الأصل: العامريّ، والمثبت من فتوح البلاذري والإصابة لابن حجر ٤: ٢١١.
(b) البَلْخِيّ: صغيرتان.
(c) فتوح البُلْدَان: رحل.
(d) فتوح البُلْدَان: لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>