ثمّ أخرَبُوها، وكان عامِل مَرْوَان عليها يَوْمَئذٍ الكُوْثَرُ بن زُفَر بن الحَارِث الكِلابيّ، وكان الطَّاغِيَة يَوْمَئذٍ قُسْطُنْطِيْن بن أليْوُن، ثمّ لَمَّا فرَغ مَرْوَان من أمْر حِمْصَ، وهَدمَ سُورها، بَعثَ جيشًا لِبناء مَرْعَش، فبُنِيتْ ومُدِّنت، فَخَرجت الرُّوم في فِتْنَتِه فأَخْربتها، فبَناها صَالِح بنُ عليّ في خِلَافَة أبي جَعْفَر المَنْصُور، وَحَصَّنَهَا، ونَدبَ النَّاسَ إليها على زِيادة العَطَاء، واستُخْلفَ المَهْدِيُّ، فزادَ فِي شِحْنَتها، وقَوَّى أهْلَهَا.
قال البَلاذُرِيّ (١): وحَدَّثَنِي مُحمَّد بن سَعْد، عن الوَاقِديّ، قال: خَرَج مِيخائِيل من دَرْب الحَدَث في ثمانين ألفًا، فأتَى عَمقَ مَرْعَش، فقتَلَ وأحْرَق، وسَبَى من المُسْلِمين خَلْقًا، وصَار إلى باب مَدِينَة مرعش وبها عِيَسى بن عليّ، وكان قد غَزَا في تلك السَّنَة، فخَرَج إليهِ مَوَالي عِيَسى وأهل المَدِينة ومُقَاتلتُهَا، فرشَقُوه بالنَّبْل والسِّهام، فاسْتَطرد لهم حتَّى إذا نَحَاهُم عن المَدِينة كَرَّ عليهم، فقُتِلَ ثمانية نَفَرٍ من مَوَالي عِيسى، واعتصَمَ الباقونُ بالمَدينةِ فأغلقُوهَا، فحاصَرهم بعض نهار، ثمّ انصرف حتَّى أتَى (a) جَيْحَان، وبَلَغ الخَبَرُ ثُمَامَة بن الوَلِيد العَبْسِيّ وهو بدَابِق، وكان قد وَلِيَ الصَّائِفَة سَنَة إحدَى وستِّين ومائة، فوجَّهَ إليهِ خَيلًا كثيفة، فأُصِيبُوا إِلَّا مَن نَجَا منهم، فأحْفَظَ ذلك المَهْدِيّ، واحتَفَل لإغْزاء الحَسَن بن قَحْطَبَة في العَام المُقْبل، وهو سَنةُ اثنتَين وستِّين ومائة.