للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سَعيد بن كَثِير بن عُفَيْر في تاريخه (١): ثُمّ كانت سَنَة إحْدَى وستِّين ومائة، فكان فيها خُرُوج الرُّوم على مَرْعَش، فخَرِبَت شيئًا كَثِيرًا.

قُلْتُ: وخَرَّب الرُّوم من مَرْعَش کما ذَكَرْنَاهُ، فبَنَاها سَيْفُ الدَّوْلَةِ أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن حَمدَان، وجَاءَ الدُّمُسْتُقُ ليمنَع من بنائها، فقَصَدهُ سَيْفُ الدَّولَة، فوَلَّى هَاربًا، وتَمَّمَ سَيْفُ الدَّوْلَة عمارة مَرْعَش. وفي ذلك يقُول المُتَنَبِّي (٢): [من الطّويل]

أتَى مَرْعَشًا يَستَقرِبُ البُعدَ مُقبِلًا … وَأدبَرَ إذ أقبَلْتَ يَستَبعِدُ القُرْبَا

فأضْحَتْ كأنَّ السُّورَ من فَوْقِ بدؤُهُ (a) … إلى الأرْضِ قد شَقَّ الكواكبَ والتُّربَا

تَصُدُّ الرّياحُ الهُوجُ عَنْهَا مَخافَةً … وَتَفْزَعُ فيها الطّيرُ أن تَلقُطَ الحَبّا

وَتَرْدي الجِيادُ الجُرْدُ فوْق جبالها … وَقد نَدَفَ الصِّنّبرُ في طُرْقها العُطْبَا

كَفَى عَجَبًا أنْ يَعجَبَ النّاسُ أنّهُ … بَنى مَرْعَشًا تَبًّا لآرائِهِمْ تَبَّا

وَما الفَرْقُ ما بَينَ الأنامِ وَبَيْنَهُ … إِذَا حَذِرَ المَحْذُورَ وَاستصْعبَ الصَّعبَا؟


(a) ديوان المتنبي: بدئه.
(b) الديوان: منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>