للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يكونُ أَشْغَى ولا أَوْرَق، ولا أضْجَمَ ولا أَجْوَقَ، ولا أحَصَّ الجَنَاحِ، ولا أبَحَّ الصِّيَاح، إنْ صَاحَ خِلْتَ جَوَادًا صَهَل، أو زَاف قُلْتَ سِتْرًا سُدِل، يُزْهَي على الطَّاوُوس شَكْلًا وحُسْنًا، ويُوْفي عليه قَدْرًا ووَزْنًا.

إنْ قَاتَلَ عُتْرُفَانًا بَذَّهُ وفَاقَهُ، أو رآهُ نَاظِرٌ أعْجَبَهُ ورَاقَهُ، يَتَوقَّد زَغَلًا وذَكَاءً، ويَجْري لَوْنهُ ماءًا وضِيَاءًا، حتَّى إذا انْتَصَبَ فاحْزَأَلَّ، وصَفَّقَ فاسْتَقَلَّ، وارْتَاحَ فأعجَبَ، وصَوَّتَ فأجْلَبَ، وعَلَا الجِدَار خَاطِبًا وسبَّح مُعْلِنًا، وقامَ مُؤَذِّنًا أيْقَظَ إلى الصَّلاة غَابِقًا، وأذْكرِ نَاسِيًا، وبَشَّر بَبْهجة الإصْبَاح، وحَثَّ على الصَّبُوح ومُعَاطَاةِ الأقْدَاح، فيُعْجب ويَرُوْق مَنْ رآه، فيُسَبح ويقول تَبارَك اللهُ أحْسَن الخالِقين (١).

فإذا جئْتَ به مُلَائمًا لهذه الهَيْئَة، حَوَيْت قَصَب السَّبْقِ، وحَقَّقْتَ مخِيْلَة الظَّنّ، واسْتَوْجَبْتَ حُسْنَ النَّظَر إنْ شَاءَ اللهُ.

فأجَابَهُ الوَكِيلُ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَرَأتُ كِتَابكَ، وفَهِمْتُ بعضَهُ، وأكْثَرهُ لَم أفْهَمْهُ، والصَّوَابُ أنْ تَطْلُبَ هذه الصِّفَة من رَبِّك، فعَسَى أنْ يعطِيْكَ دِيْكَ العَرْش {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٢).

وبخَطِّ المَدَائِنِي تَفْسِير الغَرِيْب عن ابن خَالَوَيْه: الحنْزَابُ: الدّيْك، وتنتَضِيه: تَخْتَارُهُ، أبْيَض عَاجِيًّا: شَدِيدُ البَيَاض يَضْرب إلى الصُّفْرَة، وأسْوَدَ دَجُوجِيًّا: شَدِيدُ السَّوَادِ، وكذلك الحالِكُ، واليَقَقُ: الشَّدِيد البَيَاض، والمُدْمَجُ: المَفْتُول الخلْق، والكُنْفُج: المُنْتَفخ، والمُبَرْنَس: كأنَّهُ لابس بُرْنُس، والمُدَبَّج: كأنَّهُ لابس دِيْبَاج، والمُخَرْفُج: السَّمِين المُحْسن الغذَاءِ، والبَادِي: الظَّاهر.


(١) اقتباسٌ من الآية ١٤ في سورة المؤمنون: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.
(٢) سورة فصلت، من الآية ٣٩، وسورة الأحقاف، من الآية ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>