للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وَقَعَ إليَّ في بعض مُطَالَعاتي هذه الرِّسَالةَ لأبي القاسمِ الهُبَيْرِيّ، وذَكَرَ أنَّ ابن خَالَوَيْه اقْتَرَح عليه إنْشَاءَها.

قَرَأتُ في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ من كلام أبي القَاسِم الهُبَيْرِيّ نَظْمًا ونثرًا أبْيَاتًا له كَتَبها إلى أبي عَبْد الله بن خَالَوَيْه، وقد سار إلى مَيَّافَارقِين: [من الطويل]

على أنَّ صبْري عنكَ أضْيَقُ سَاحَةً … وأقْصَرُ خَطْوًا عن مُصَاحَبةِ البُعْدِ

عَزِيزٌ على عَيْني وقد غِبْتَ لحْظُها … وإنْ كان مَطويَّ الجُفُون على السُّهْدِ

وإنَّ رَحِيلًا حالَ دونَ لقائنا … لأقْسَى بنا قَلْبًا منَ الحَجَرِ الصَّلْدِ

لقد كان قَلْبي مِن يَدِ الشَّوْق مُطْلَقًا … فأوقَعْتُهُ في قَبْضَةِ الشَّوْق والوَجْدِ

وقد كُنْتَ لي في دَوْلَةِ القُرْب سلْوةً … عن السَّكَنِ الجافي أو الأمَلِ المُكدِي

بمَن أعِدُ الأيَّامَ بُرْءَ سَقامَها … إلى مَنْ على الأفْهَام بَعْدَك أسْتَعْدي

وما زَالَ قَلْبي مُذْ صَحِبْتُ الهَوَى لَقًا … على طُرُقِ الهِجْرَانِ والبَيْنِ والصَّدِّ

ومِن عَادَةِ الأيَّام إخْلَافُ وَعْدها … فهل تنْجزُ الأيَّام لي فيكَ مِن وَعْدِ

وممَّا قرأتُهُ من شِعْره في هذا الجُزءِ، وكَتَبَهُ إلى الأَمِير سَيْفِ الدَّوْلَة: [من الطويل]

وكيفَ احْتِمَالي للزَّمانِ ظُلَامةً … وأنْتَ على عَيْنِ الزَّمان رَقِيْبُ

وفي كُلِّ أرْضٍ من سَمَائِكَ صَيِّبٌ … وفي كُلِّ رَوْضٍ مِن نَدَاكَ جَنُوبُ

وكُلُّ غَرِيبٍ في جَنَابِكَ آهِلٌ … وكُلُّ قَرِيبٍ لَم تَصِلْهُ غَرِيْبُ

إذا مَرِضَتْ حالُ امْرِئٍ لَم يكُن لها … سِوَى فَضْلِ إنْعَامِ الأَمِير طَبِيْبُ

ومنه أيْضًا، وكَتَبَها إلى بعض إخْوَانه: [من الخفيف]

لو سَلَمْنا من فُرْقةِ الإخْوَان … لسَمِحْنا لنَائبَاتِ الزَّمانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>