للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانْصِرَاف، وأعْلَمَ النَّاسَ أنَّ الحُصَيْن وَاليهم، وماتَ مكانَهُ، فدُفِنَ على ظَهْر المُشَلَّل لسَبْع ليالٍ بَقِينَ من المُحَرَّم سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين.

ومَضَى حُصَيْن بن نُمَيْر في أصْحَابهِ حتَّى قَدِمَ مَكَّة، فنَزل بالحَجُون إلى بئر مَيْمُون، وعَسْكَر هُناك، فكان يُحَاصِر ابن الزُّبَيْر، فكان الحَصْرُ أرْبعةً وسِتِّين يَوْماً، يَتَقاتلُونَ فيها أشَدّ القِتَال، ونَصَبَ الحُصَيْنُ المِنْجَنِيْقَ على ابن الزُّبَيْر وأصْحَابِهِ، ورَمَى الكَعْبَةَ، ولقد قُتِلَ من الفَرِيْقَين بَشَرٌ كَثِيْرٌ، وأصَابَ المِسْوَرَ فِلْقَةٌ من جَحَر المِنْجَنِيْق، فماتَ لَيْلَة جاءَ نَعِيُّ يَزِيدَ بن مُعاوِيَة، وذلك لهلالِ شَهْر رَبيع الآخر سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين، فكلَّم حُصَيْن بن نُمَيْر ومَنْ معه من أهْل الشَّام عَبْدَ اللهِ بن الزُّبَيْرِ أنْ يَدَعَهُم يَطُوفُوا بالبَيْت ويَنْصَرفُوا عنه، فشَاوَرَ في ذلك أصْحَابه، ثُمَّ أذنَ لهم، فطَافُوا، وكلَّم ابن الزُّبَيْر الحُصَيْن بن نُمَيْر، وقال له: قد مات يَزِيد وأنا أحَقُّ النَّاس بهذا الأمْر؛ بم لأنَّ عُثْمان عَهِدَ إليَّ في ذلك عَهْداً، صَلَّى بهِ خَلْفي طَلْحَةُ والزُّبَيْر وعَرَفته أُمّ المُؤْمِنِيْن، فبَايعْني، وادْخُل فيما يَدْخُل (a) فيهِ النَّاس -يعني (b) يَكُن لكَ ما لهم وعليكَ ما عليهم- فقال له الحُصَيْن بن نُمَيْر أي والله يا أبا بَكْر لا أتقرَّبُ إلِيكَ بغير ما في نَفْسِي، أَقْدُمُ الشَّامَ فإنْ وَجَدتُهم مُجْتَمعين لك أطَعْتُكَ، وقاتلتُ مَنْ عَصَاك، وإنْ وَجَدتُهم مُجْتَمِعين على غيرك أطَعْتُهُ وقاتلتُكَ، ولكن سِرْ أنْتَ معي إلى الشَّام أُمَلِّكُكَ رِقَاب العَرَب، فقال ابنُ الزُّبَيْر: أو أبْعَثُ رَسُولاً، قال: تَبًّا لك سَائر اليَوْم؛ إنَّ رَسُولك لا يكُون مثْلك، وافْتَرَقا، وأمِنَ النَّاسُ، ووَضَعَت الحَرْبُ أوْزَارَها، وأقامَ أهْلُ الشَّام أيَّاماً يَبْتاعُونَ حَوَائِجَهُم ويَتَجَّهزُونَ، ثمّ انْصَرَفُوا رَاجِعيْن إلى الشَّام، فدَعا ابن الزُّبَيْر يَوْمئذٍ إلى نَفْسهِ.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد في كتابه، [قال] (c): أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ


(a) طبقات ابن سعد: فيما دخل.
(b) ابن سعد: معي.
(c) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>