عرفَ المَوْتَ دعا حُصَيْن بن نُمَيْر الكِنْدِيّ، فقال: إنَّكَ أعْرَابيٌّ جِلْفٌ فسِرْ بهذا الجَيْشِ، فمَضَى حُصَيْنُ بن نُمَيْر من وَجْهِهِ ذلك، فلم يَزَل مُحَاصِراً لأهْل مَكَّة حتَّى هَلَك يَزِيد، قال: فبلَغَت ابن الزُّبَيْر وَفَاة يَزِيد قَبْل أنْ تَبْلُغ حُصَيْن بن نُمَيْر، فَنَادَاهم عَبْدُ الله بن الزُّبَيْر لَمَ تُقَاتلُون فقد مات صَاحِبُكم؟ قالوا: نُقَاتِل لخَلِيْفَته، قالوا: فقد هَلَكَ خَيفتُه الّذي اسْتَخْلفَهُ، قالوا: فنُقَاتِل لمَنْ اسْتخلف بعدَهُ، قال: فإنَّهُ لَم يَعْهَد إلى أحدٍ، قال ابن نُمَيْر: إنْ يَكُ ما تقُول حَقًّا فما أسْرَع الخَبَر إلينا.
أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إِنْ لِم يَكُن سَمَاعاً، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن الفَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد (١)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن جَعْفَر، عن عَمّته أُمّ بَكْر بنت المِسْوَر بن مَخْرَمَة، قال: وحَدَّثَني شُرَحْبِيلُ بن أبي عَوْن، عن أَبيِهِ، قال: وحَدَّثَني عبدُ الرَّحْمن بن أبي الزَّنَاد، قال غيره: عن أَبيِهِ، وغيرهم أيْضًا قد حَدَّثَني بطَائِفَةٍ من هذا الحَدِيْثِ، قال: أَمَّر يَزِيد مُسْلم بن عُقْبَة وقال: إنْ حَدَث بكَ حَدَثٌ فحُصَيْن بن نُمَيْر على النَّاسِ، فوَرَد مُسْلم بن عُقْبَة المَدِينَة، فمَنَعُوه أنْ يَدْخُلَها، فأوْقعَ بهم وأنْهَبَها ثلاثاً، ثمّ خَرَجَ يُريد ابنَ الزُّبَيْر، فلهَّا كان بالمُشَلَّلِ (a) نَزَل بهِ المَوْتُ، فدَعا حُصَيْن بن نُمَيْر، فقال له: يا بَرْذَعَة الِحمَار، لولا عَهْد أَمِير المُؤْمنِيْن إليَّ فيك ما عَهِدْتُ إليك، اسْمَعْ عَهْدِي، لا تُمَكِّن قُرَيشْاً من إذنك، ولا تزدهُم على ثلاثٍ: الوِقَاف، ثمّ الثِّقَاف، ثُمّ
(a) وردت في الأصل بالسين المهملة، وهو جبلٌ يهبط منه إلى قُدَيْد من ناحية البحر. ياقوت: معجم البلدان ٥: ١٣٦، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ٨: ٢٣٨.