للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْبَأنَا أحْمَد بن عَبْد الله الأسدِيُّ وغيره، عن أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ عَبْد البَاقِي بن عَبْدِ الكَريم الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن أحْمَد بن حَمَّة الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن يَعْقُوب بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي يَعْقُوبُ، قال: حُضَين بن المُنْذِر، هو الّذي يُؤْثَرُ عنه أن ختَنهُ على ابْنَتهِ أو أُخْته كان إذا دَخَل عليهِ تنَحَّى له حُضَيْنُ عن مَجْلسه، ثُمَّ قال: مَرْحَبًا بمَنْ كَفَى المَؤُونَة وسَتَر العَوْرَة.

وكان الحُضَيْنُ بخُرَاسَان أيَّام قُتَيْبَة بن مُسْلِم، فيُقالُ إِنَّهُ كان عندَهُ فدَخَلَ على قُتَيْبَة مَسْعُود بن حِرَاش العَبْسِىّ، والحُضَيْن شَيْخٌ كببرٌ مُعَتمٌّ بعِمَامَةٍ، فقال مسْعُود لقُتَيْبَة: مَنْ هذه العَجُوز المُعْتَمَّة عند الأَمِير؟ فقال قُتَيْبَة: بَخٍ، هذا حُضَيْن بن المُنْذِر! فقال حُضَيْنٌ: مَنْ هذا أيُّها الأَمِير؟ قال: مَسْعُود بن حِرَاشٍ العَبْسِيّ، فقال حُضَيْنٌ: أنا واللهِ لم يُمَجِّد قَوْمَه في الجَاهِلِيَّةِ عَبْدٌ حَبَشيٌّ - يعني عَنْتَرة - ولا في الإسْلَام امْرأةٌ بَغِيٌّ، قال: فسَكَتَ عنه مَسْعُود بن حِرَاشٍ.

وشَهِدَ الحُضَيْن صِفِّيْن مع عليّ، وبَقي بعد ذلك إلى أيَّام مُعاوِيَةَ، فوَفَدَ على مُعاوِيَة وكان لا يُعْطِي البَوَّابَ ولا الحَاجِبَ شيئًا، فكان لا يأذن له الحَاجِب إلَّا آخر النَّاس، فدَخَل يوْمًا فقام حيَال مُعاوِيَة وقال (١): [من الطويل]

وكُلُّ خَفِيْفِ الشَّأْنِ يَسعَى مُشَمِّرًا … إذا فَتَحَ البَوَّابُ بابَكَ إصْبَعَا

ونحنُ الجُلُوسُ المَاكِثُونَ رَزَانَةً … حَيَاءً إلى أنْ يُفْتَحَ البابُ أجْمَعَا

قال: فأَوْمأ إليه مُعاوِيَة بيَده أنْ أعْطِهم شيئًا، فإنَّك لا تُعْطِي أحدًا شيئًا.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللهِ الحَسَن بن عليّ بن مُقْلَة: أنْشَدَني أبو الحَسَن الأسَدِيّ، قال: أنْشَدَني أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن عَمْرو بن أبي صَفْوَان، من وَلدِ


(١) البيتان في عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري ١: ٨٨، والبيان والتبيين للجاحظ ٢: ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>