للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْفقه، وترك حِطَّان على أنَّهُ مُطِيع يحضر إلى الخِدْمَة ويُحاسب على المال، والرَّجُل وأُمَرَّاء العَسْكَر مَحْصُورون، وأنَّهم مُتَماسكُون إنْ وَصَلتهم نَجْدَة عاجلَة أو أمْر يُشغل عُثْمان، وأنَّ دُقش وقرا سُليْمان وحِطَّان قالوا لهذا الرَّسُول المُسَيَّر: أُخْرج إلى عُثْمان في المُصَالَحَة على أمر السُّلْطان عهما وَصَل بهِ امْتَثل.

وقَرَأتُ في تاريخ القَاضِي الفَاضِل عبد الرَّحيم بن عليّ، الّذي علَّق فيه الحَوَادِث في كُلِّ يَوْمٍ (١)، قال فيه: وذكَر الرَّسُول أنَّهُ اجْتَمع بيَاقُوت في تَعِزّ، وكان سَار إليه رسُولًا من عُثْمان أنْ يَنْزل ويكُون في خِدْمته، فقال: ما أفْعَلُ إلَّا بكتابٍ من السُّلْطان، وأنَّهُ ارْتَهن عِيَاله وخَدَعَه بَمِيْن اللَّه والطَّلَاق، فركبتُ إليه وتَسَلّم بلادي وأقْطَع زَبيد، وذَكَرَ الرَّسُول أنَّ خُطْلُبَا قال له: إنِّي سُقِيْتُ وتَمَّ عليَّ الرَّدَىَ وإنِّى تالفٌ لا مَحَالة وما أشَار إلى أحدٍ، وكان رَسُول عُثْمان قد ذَكَرَ مثل ذلك وأسْنَدَ الفعل إلى حِطَّان.

قال القَاضِي الفَاضِل: وسُيِّرَت كُتُب إلى المَلِك النَّاصِر وإلى المَلِك العادل وغيرهما من حِطَّان، وأَخيهِ مُحَمَّد، ودُقش، وقرَا سُليْمان، ويَاقُوت المُعَظَّمِيَّ، وتَنُوخ بن عَبْد المَجِيْد، تتضَمَّن القَضِيَّة المُتَّفَق على شَرْحها أنَّ عُثْمان بن الزِّنْجَارِيّ ما زال يُخَادِع يَاقُوت وقَايْمَاز ويُلَاطفهُما حتَّى انْخَدَع له قَايْمَاز وتَرَاسَلا في المُصَاهَرَة، وتقرَّر المَهْر عَشرة آلاف دِيْنار مِصْريَّة، وأحْضر الشُّهُود، وكُتِب الكتاب، ونَزَل قَايْمَاز من حِصْنه ليَعْقد عقدة النِّكَاح، فلمَّا صَار في خَيْمَة عُثْمان


(١) يُعيد ابن العديم النقل عن هذا الكتاب في ترجمة زنكي بن مودود (الجزء الثامن) وسماه: دستور القاضي الفاضل الذي جعله تاريخًا للماجرايات، أي توثيقًا للحوادث الواقعة على الأيام، ويطلق عليها أحيانًا لفظ: متجددات سنة كذا .. ، ونقل ابن خلكان عن هذا الكتاب ووصفه بأنه "تاريخ مرتَّب على الأبام؛ يذكر فيه ما يتجدَّد كل يوم". (وفيات الأعيان ١: ٢٥٨) وماجرايات القاضي الفاضل تتضمن اهتمامًا بالأمور الإدارية وما يطرأ عليها في كل يوم مع تقييد الشهر والسنة. انظر: رونثال: علم التأريخ عند المسلمين ٢٣٩ - ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>