للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُثْمان بن الزِّنْجَارِيّ والتَّلَطُّف له في الكَلَام، وأنْ يُقال له: هذه البِلاد في أيدِينا أمَانَةٌ للسُّلْطَان، وما نُسَلِّمها دُون أنْ يقتَل منَّا ومن جَمَاعتكَ خَلْق كَثِيْر، فإنْ رأيْتَ أنْ تَرْبَح دِمَاءَ الفَرِيْقَين ونُكَاتب السُّلْطان ونَنْتَظر أمرَهُ؛ فإلى مَنْ رَسَمَ بتَسْلِيم البِلادِ سُلِّمَت إليه بغير حَرْبٍ، فنَفَر عُثْمان وقال: إنِّي أنا المَلِكُ العُثْمانيّ المَذْكُور في سيَرِ اليَمَن ومَلَاحِمها أنَّهُ يَمْلُك ما بين حَضْرَمَوْت ومَدِينَة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولا أبْرحَ على زَبيد دُون فَتْحها عَنْوَةً، وسَلْخ جِلْدَي قرا سُليْمان ودُقش، وصَلْب حِطَّان، وإباحَة نَهْبها، وقَتْل مُقَاتلَتها عَشرة أيَّام كما وَعَدْتُ عَسْكَري، وكما فَعَلْتُ في الجَنَد.

فتَجَرَّدَ حينئذٍ مَنْ بنَ بزَبِيْد لقِتَالهِ، وفَتَحُوا في سَادِس شهر رَبيع الأوَّل ثلاثة أبْوَابٍ من أبْوَاب زَبِيْد، واقْترَقُوا ثلاثَ فِرَق، وكَبَسُوا عَسْكَر عُثْمان بغْتَةً، فتقابَضَ الفَرِيقان باللّحَى، وتَجَالَدُوا بالسُّيُوف، فانْهَزَمِ عُثْمان وأسْلَم عَسْكَره، فكَثُر فيهمِ القَتْل، وتبَعِ الجُنْد والرَّاجِلُ مَنْ انْهَزَمَ منهم، وغَنِمَ عَسْكَرُ زَبِيْد منهم سَبْعمائة خَيمة وألْفَي جَمَل، ونَكَّسُوا من فُرْسَانهم ثلاثمائة فارس، ولَم يَسْلَم مع عُثْمان سوى (a) ستَّة فُرْسَان لا غير.

وكَتَبَ حِطَّان يَبْذُل من نَفْسهِ الطَّاعَة، ويَسْأل الصَّفْح عمَّا كان قُذف به، وما تقَوّل في حَقِّهِ مَنْ قد ظَهَرت مُنَافقتُه وكُفْرانُه نِعْمَة الاصْطِناع، ويَسْألُ إعْلَامَهُ بما يَعْملِ: من المقام فتُقرَّر له قَاعِدة، أو الاسْتِدْعاء فيتوثَّق بالأيْمَان ليَصِلَ ويُكاتب إلى منْ يَتَسلَّم البِلاد، ويَسْأل يَمِينَ السُّلْطان وخَطِّه، ويَمِيْن المَلِك العادِل، وتَشْريفًا من لباس السُّلْطان، وتشرِيْفًا من المَلِك العادِل، وتَشْريفَيْن من المَلِكَين العَزِيز عُثْمان والظَّاهر غَازِي، وأمْرًا صَرِيحًا بما يَعْتمدُه من تَسْليم البِلَادِ


(a) مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>