للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ الشَّيْخُ لا يَلْوِي ونَقَفُورُ مُجْحِرٌ … وفي القِدِّ (a) ألْفٌ كاللُّيُوثِ قَسَاوِرُ

ولَم يَبْقَ إِلَّا صِهْرُهُ وابنُ بِنْتِهِ … وثُوّرَ بالبَاقِين مَنْ هوَ ثَائرُ

وأنبَأنَا عَبْد العَزِيْز بن الأخْضَر، قال: أخبرَنَا أبو الحَسَن، قال: أخبرَنَا أبو البَرَكَات، قال: أخبرَنَا عليّ بن أيُّوب، قال: أنشَدَنا أبو الطَّيِّب المتنَبِّي لنَفْسه يمدَحُ سَيْف الدَّوْلَة، وقد ورَدَ عليه خبَرٌ آخر سَاعة نَهار يوم الثّلاثَاء لستٍّ خَلَوْنَ من جُمَادَى الأُوْلَى سنة أربعٍ وأربعين وثَلاثِمائة، أنَّ الدُّمُسْتُق وجُيُوشَ النَّصْرانيَّة قد نازلَتْ ثَغْر الحَدَث ونصَبَت مَكائد الحُصُون عليهِ، وقَدَّرت أنَّها فُرْصَةٌ فيه لِمَا تَدَاخلها من القَلَقِ والانْزعاج والوَصْم في تَمام بنائِه على يَد سَيْف الدَّوْلَة، ولأنَّ مَلكهم ألزمَهُم قصدَهَا، وأنجدَهُم بأصْنَافِ الكُفْر من البُلْغُر والرُّوس والصَّقْلَب وغيرهم، وأنقَذَ معهم العُدَدَ.

فرَكِبَ سيْفُ الدَّوْلَة لوَقْته نافِرًا، وانتَقَل إلى موضعٍ غير المَوْضِع الّذي كان به، ونَظَر فيما وَجَب أنْ ينظُرَ فيه في ليلَته، وسار عن حَلَب غَدَاةَ يوم الأرْبَعاءِ لسَبْعٍ خَلَوْنَ، فنَزَل رَعْبَان، وأخْبارُ الحَدَث مُسْتَعْجِمةٌ عليهِ، لضَبْطهم الطُّرُقَ، وتَقدِيرهم أنْ يَخْفَى عليه خَبَرهُم.

فلمَّا أسْحَر، لبسَ سِلاحَهُ، وأمر أصْحَابَهُ بمثل ذلك، وسَار زَحْفًا، فلمَّا قَرُبَ من الحَدَث، عَادَت إليهِ الطَّلَائِعُ بأنَّ عَدُوَّ اللهِ لَمَّا أشرفَتْ عليه خُيُول المُسلِمِين على عَقَبةٍ يُقالُ لها العِبْرانيّ، رحَل ولم تَسْتَقِرَّ بهِ دار، وامْتَنع أهْل الحَدَث من البِدَار بالخَبَر خَوْفًا من كَمِين يَعْتَرض الرُّسُل، فنَزَل سَيْف الدَّوْلَة بِظَاهِرها، وذكَر خليفَتُه بها أنَّهم نازلُوه وحاصَرُوه، فلم يُخْلِه اللهُ من نَصْر عليهم إِلَّا في نُقُوبٍ نقبُوْهَا في فصِيْل كان قديمًا للمَدِينَة، وأَتَتْهُم طَلائِعُهم بخَبْر سَيْف الدَّوْلَة في إشْرافهِ على حِصْن رَعْبَان، فوَقَعَت الصَّيْحَةُ وظهَرَ الاضْطرابُ، ووَلَّي كُلّ فريقٍ على وجْههِ،


(a) الديوان: القيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>