للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشْتَرَاها الحَكَم بن المُطَّلِب من أهْلها بمالٍ كَثِيْرٍ (a)، فقال له أهْلُها - وكانت مُولَّدةً عندهم: دَعْهَا عندنا حتَّى نُصْلح من أمْرها، ثمّ نَزُّفِها إليكَ بما تَسْتَأهِل الجَارِيَةُ منَّا فإنَّما هي ولدٌ (b)، فتَرَكَها عندَهم حتَّى جَهَّزُوها، وبَيِّتُوها، وفرَشُوا لها (c)، ثمّ نَقَلُوها كما تُزَفُّ (٤) العَرُوسُ إلى زَوْجها، وتَهَيَّأَ الحَكَمُ بأجْمَل ثِيَابهِ، وتَطَيَّبَ، ثمَّ انْطَلَق؛ فبَدَأ بأبيهِ ليَرَاهُ في تلك الهَيْئَة، ويَدْعُوَ له تَبَرُّكًا بدُعَاء أبيهِ، حتَّى دخَل عليهِ في تلك الهَيْئَةِ وعندَهُ الحَارِثُ بن المُطَّلِب، فأقْبَل عليه أبُوهُ، فقال: إنَّ لي إليك حَاجَةً، فما تقُول؟ قال: يا أبَةِ، إنَّما أنا عَبْدُك، فمُرْ بما أحْبَبْتَ، قال: تَهَبُ جَاريتكَ هذه للحارِث أخيْك، وتُعْطيه ثِيَابك هذه الّتي عليك، وتُطَيّبهُ من طِيْبكَ، وتَدَعهُ يَدْخُل على هذه الجاَرِيَة، فإنِي لا أشُكُّ أنَّ نَفْسَه قد تاقَتْ إليها! قال الحارِث: لَم تُكَدِّرُ على أخيّ، وتُفْسِدُ قَلْبَهُ عليَّ؟! وذَهَبَ يُرِيدُ [أنْ] (e) يَحْلفُ، فبَدَرهُ (f) الحَكَم، فقال: هي حُرَّةٌ إنْ لم تَفْعَل ما أمَرَك أبي! فإنَّ قُرَّة عَيْنهِ أحبُّ (g) إليَّ من هذه الجَارِيَة، وخَلَع شابَهُ، فألْبَسَهُ إيَّاها، وطَيَّبَهُ من طِيْبهِ، وخَلَّاهُ؛ فذهَبَ إليها.

قال: وحَدَّثنا الزُّبَيْر (١)، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن الضَّحَّاك، قال: جَلَسَ المُطَّلِبُ فيُ عَبْد اللّه ليلَة يتَعَشَّى مع إبْراهيم بن هِشَام ومعَهُ عدَّة من وَلده فيهم الحكَمُ والحَارِثُ وغيرُهما، فجَعَل المُطَّلِبُ يأخُذ الطَّعَام الطَّيِّب من بين يَدي ابْنه - الّذي لَم يُسمّ لي - فيَضَعهُ بين يَدي حَارِث! فجَزعَ الفَتَى، وقال: ما رَأِيْت كما تَصْنعَ بنا قَطُّ وكما تَسْتَهِيْننا! فأمَرَ بغِلْمَانه فأُدْخلُوا، وأمَرَ بابنه ذلك فُجرَّ برجلِهِ حتَّى أخْرَجُوه من الدَّار، فقال لهُ الحَكَم: ما آثرت إلَّا أحْسَنَنا وَجْهًا وإنَّهُ لأهْل


(a) في نسب قريش: كبير.
(b) في نسب قريش: لنا ولد.
(c) في الأصل: وفرشوها، والتصويب من نسب قريش.
(d) في الأصل: كما تهيأ تزف، وما هنا عبارة الزُّبيري.
(e) إضافة من نسب قريش.
(f) في نسب قريش: فبادره.
(g) في نسب قريش: أسرُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>