للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعْتَمد على الباب فلم يقدرُوا على فتْحهِ، ودَعَوا بنارٍ ليَحْرقُوه، فلَم يُؤْتَوا بها، حتَّى قيل: قد دخلَتْ خَيْل مروَان المَدِينَةَ، وهَرَبَ إبْراهيمِ بن الوَلِيد، وتغيّب، وأنْهَبَ سُليْمان ما كان قي بيت المَالِ من المالِ، وقسَمَهُ فيمن معه من الجنُود، وخَرَجَ من المَدِينَة. وثَارَ مَنْ فيها من مَوَالِي الوَلِيد بن يزِيد إلى دار عَبْد العَزِيْز بن الحَجَّاج فقَتَلُوهُ، ونَبَشُوا قبرَ يزيد بن الوَلِيدِ، وصَلَبُوه على باب الجابِيَة.

ودَخَل مَروَان دِمَشْق، فنَزَل عالية، وأُتِيَ بالغُلَامَين مَقْتُولَيْن ويُوسُف بن عُمَر، فأمرَ بهم فدُفنُوا، وأُتِيَ بأبي مُحمَّد محمولاً في كُبُوله، فسَلَّمِ عليهِ بالخِلَافَة، ومَروَان يسُلَّم عليه يَوْمئذٍ بالإمرة، فقال له: مَهْ؟! فقال: إنَّهما جَعَلاها لك بَعْدَهُما، وأنشدَهُ شِعْرا قاله الحَكَم في السِّجْن.

قال: وكانا قد بَلَغا، ووُلد لأحدهما وهو الحَكَم، وكان أكبرهمُا، والآخر قد احْتَلَم قبل ذلك بيَسِيْر، فقال: قال الحكَمُ: [من الوافر]

ألَا مَنْ مُبْلغ مَرْوَان عنِّي … وعقبى العُمْر (a) طال بذي حَنِيْنَا

بأنِّي قد ظُلمتُ وصَار قَومْي … على قتلِ الوَلِيدِ مُشَايعِيْنا (b)

أيذهَبُ كلْبُهُم بدمَي ومالي … فلا غَثًّا أصبْتُ ولا سَمِيْنا

ومروَان بأرْض بني نزِارٍ … كليثِ الغَاب مُفْترشٌ عَرينا

ألَايُحْزنْكَ قتل فَتَى قُرَيْشٍ … وشقّهُم عَصَا للمُسْلميْنَا (c)

ألَا واقْرالسَّلَام على قُريَشٍ … وقيسٍ بالجَزِيْرَة أجْمَعِيْنَا

وسَار (d) النَّاقِصُ القَدَرِيّ فينا … وألقى الحَرْبَ بين بني (e) أبِيْنَا

فلو شَهِدَ الفَوَارِسُ من سُلَيْم … وكَعْب لَم أكُن لهم رَهِيْنَا


(a) كذا في الأصل، وعند الطبري وابن عساكر: وعمي الغمر.
(b) الطبري: متابعينا.
(c) لطبري: عصِيَّ المسلمينا. ابن عساكر: عصا المسلمين.
(٤) الطبري: وساد.
(e) ابن عساكر: أبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>