للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلتُ: أأنْتَ قلتَ يا رسُول الله: مَنْ أكَلَ مع مَغْفُور له غُفِرَ له؟ فقال: نَعَم، أنا قُلتُ: مَنْ أكلَ مع مَغفُور له غُفِرَ له.

قال لي عَمِّي: ثمّ اجْتَمَعْنا بعد ذلك بمَنْبِج عند الشَّيْخ عَبْد الحَقّ المَغْرِبيّ، وكان رَجُلًا صَالِحًا، وكان معنا الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ الفَاسِيّ، فذَكَرنا له هذه الحِكايَة والمَنَامَ، فلَّا فَرَغْنا دَخَل علينا عقِيبَ ذلك الشَّيْخ حَمَّاد البَوَازِيْجيّ، وكُنَّا قد سَمِعنا عنهُ أنّهُ رُؤي وهو يَأكُل، فأحْضر شيء من الطَّعَام، فقُلْنا له: تَأكُل معنا؟ فقال: نَعَم، مَنْ أكَلَ مع مَغفُور له غُفِرَ له، بصَوْتٍ عالٍ مُرْتفع، فقال الشَّيْخُ عليّ الفَاسِيّ: هذه والله كَرَامَةً للشَّيْخ حَمَّاد.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي البَرَكَات ابن المُسْتَوفِيّ في تاريخ إرْبِل الَّذي جَمَعَهُ (١): حَمَّاد بن مُحَمَّد بن جَسَّاس البَوَازِيْجيّ، أبو الشُّكْر (a)، من المَشْهُوربن، أقامَ بالبَوَازِيْج ومات بها وقَبْره فيها، شَيْخُ البَوَازِيْج في الانْقِطَاع، من أصْحَاب عَدِيّ بن مُسَافِر، إلَّا أنَّهُ اشْتَهر فتَرَكَ النِّسْبَة إلى عَدِيّ [هو] (b) وأصْحَابه، فصارَ بينهم وبين أصْحَاب عَدِيّ مُبَاينَة عَظِيمَة، ومُنَافَرَات أدَّت كَثيرًا إلى وَقَائع وفِتَن.

تردَّد كَثيرًا إلى إرْبِل، وكان النَّاس يتلقُّونَهُ من فَرَاسِخ، ويَغْشَاهُ الأكَابِر، ويتَردَّد إليهِ السُّلْطان أبو سَعيد كَوْكَبُوري بن عليّ، وكان مَنْ يتَولَّى البَوَازِيْج يتآدَى (c) به لانْقياد النَّاس العامَّة إليهِ، وكان كَثِيْر من البَوَازِيْجيِّيْن يَرْمُونه بكَثْرة المالِ. حُدِّثْتُ أنَّهُ في مَبْدأ عُمره التَّام (d) كان يَقْطع الطَّريق.


(a) ابن المستوفي: أبو السكر، بالمهملة.
(b) إضافة من كتاب ابن المستوفي.
(c) كذا بالمهملة في الأصل وكتاب ابن المستوفي.
(d) ابن المستوفي: أيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>