وفَخْرًا كَثِيْرًا، غير أنَّهُ غَمرهما فَضْل أخوَيْهما: فَزَارَة وذُبْيَان من غَطَفَان بن سَعْد بن قَيْس عَيْلَان، وكذلك أصْغَرُ مَنْ في وَلد حَمْدَان أكْبَر من كُبَرَاء غيرهم.
قُلتُ: مَنْ قال إنَّهم مَوَالِي إسْحاق بن أَيُّوب فالظَّاهر أراد أنَّهم مَوَالِي المُوَالاة لأنَّ الّذين أسْلَموا على يده مَوَالِي مُوَالاة لا مَوَالِي عَتَاقة.
قُلتُ: وكان حَمْدَان بن حَمْدُون من الكُرَمَاء الأجْوَاد، والشُّجْعَان الشِّدَاد، وممَّن له ذِكْرٌ في الغَزْو والجِهاد، وقد بَنى سُور مَلَطْيَة، وأنْفَق عليه سَبْعِين ألفَ دِيْنار.
وقد ذَكَرَهُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ المُؤرِّخ، في كتاب عُنْوَان السِّيَر في مَحَاسِن أهل البَدْو والحَضَر (١)، فقال: تغَلَّبَ حَمْدَان بن حَمْدُون بن حَارِث بن لُقْمَان بن رَاشِد التَّغْلِبِيّ على دَارَا ونَصِيبِيْن، وتَحَصَّنَ بقَلْعَة مَارِدِين، فخرَج إليهِ المُعْتَضِد باللهِ، ووَقَف على بابها، وقال: يا حَمْدَانُ، افْتح البابَ، ففتَحَهُ وجلَس المُعْتَضِدُ باللهِ، فأمَرَ بنَقْلِ ما فيها وهَدْمِها، ثمّ رَضي عن حَمْدَان، وأمَّرَهُ على ما تغلَّبَ عليه.
وكان أهْلُ المَوْصِل ودِيَار بَكْرٍ قد عَمَّهم الغَلَاءُ ثلاثة أعْوام، فحَمَل إليهم حَمْدَانُ من الأقْوَاتِ ما أرْخَصَ أسْعارَهُم، وأنْفَقَ على سُور مَلَطْيَة سَبْعِين ألفَ دِيْنارٍ، ووَقَفَ أربعمائة فَرَس عليهم، وتُوفِّيَ في سَنة اثْنَتَيْن وثَمانِيْن ومَائتَيْن (a).