للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَتْ سُليمَى أرَى رَأسَهُ … كنَاصِيَةِ الفَرَس الأشْهِبِ

وذلكَ من وَقَعاتِ المَنُون … فَفِيْئي إليكِ ولا تَعْجَبي

أتَيْنَ عليّ إخْوَتي سَبْعَةٌ … وعُدْنَ على رَبْعي الأقْرَبِ

وبعْدَهُ أبياتٌ، ثُمَّ يقُول بعدَها (١):

فأدْخَلَكَ اللّهُ بَرْدَ الجِنَانِ … جَذْلَانَ في مَدْخَلٍ طَيِّبِ

فَلَانَ كَلامُهُ حتَّى لو أنَّ أبا الشَّمَقْمَق قال هذا البَيْتَ لكان رَدِيئًا ضَعِيْفًا.

قال الأصْمَعِيُّ: وطَرِيق الشُّعَراء إذا أدخَلْتَهُ في باب الخَيْر لانَ؛ ألَا تَرَى أنَّ حَسَّانَ بن ثَابِت كان عَلَا في الجاهِلِيَّةِ والإسْلَام، فلمَّا دَخَلَ شِعْرُه في باب الخَيْر من مَرَاِثِي النَّبِيّ صلي اللّه عليه وعلى آله وسَلَّم وحَمْزَة وجَعْفر عليهما السَّلام وغيرهم، لَانَ شِعْرهُ، وطَرِيقُ الشِّعر هي طَرِيقُ الفُحُول؛ مثل امْرِئ القَيْس، وزُهَيْر، والنَّابِغَة؛ من صِفَاتِ الدِّيَار والرَّحْل، والهِجَاءِ والمَدِيْح، والتَّشْبِيْب بالنِّسَاء، وصِفَة الخَمْر (a) والخَيْل، والحُرُوب (b) والافْتِخَار، فإذا أدْخَلتُه في باب الخَيْر لَانَ.

قال المَرْزُبانيّ (٢): وحَدَّثي إبْراهيمُ بن شِهَاب، قَال: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بن الحُبَابِ، عن مُحَمّد بن سلّام (٣)، قال: كان الجَعْدِيُّ مُخْتَلِفَ الشِّعْر مُغَلَّبًا، قال الفَرَزْدَق: مثَلهُ مَثَلُ صَاحِب الخُلْقَانِ، يُرَى عندَهُ ثَوْب خَزٍّ أَو عَصْبٍ، وإلى جَانبهِ سَمَلُ كِسَاءٍ.

وإذا قالت العَرَبُ: مُغَلَّبٌ فهو مَغْلُوبٌ، وإذا قالُوا: غُلِّبَ فهو غَالِبٌ، غُلِّبَت لَيْلَى على الجَعْدِيّ، وغُلِّبَ عليه أَوْسُ بن مَغْرَاءَ القُرَيْعِيِّ، ولم يكُن إليهِ في الشِّعْر


(a) كذا في الأصل بالخاء المعجمة، وفي الموشح: الحُمر، وهو أليق.
(b) ليست في كتاب الموشح.

<<  <  ج: ص:  >  >>