للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك البَلَد] (a)، وزَحَفُوا إلى البَاب، فاعْتَصَمُوا في المغائر، فاسْتَخُرَجُوهم منها بالدُّخَان، وقَتلُوا منهم مقتَلة عَظِيمَة، وليس بها في زَمننا هذا منهم إِلَّا القليل.

وقد كَثُرت عَمَائِر الباب، واتَّسَعَتْ وصَارِت مِصْرًا من الأمْصَار، وعمر فيها الأتَابِك طُغْرِل الظَّاهِريّ خَانًا للسَّبِيْل، ومَدرَسَةً لأصْحَاب أبي حَنيفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكُنْتُ في أيَّام الصِّبَا أتَردَّدُ إليها، فازدَادت عِمَارتُها على الضِّعْف ممَّا كانت.

ولأبي عَبْد اللهِ مُحمَّد بن نَصْر القَيسَرانِيِّ فيها أبياتٌ شَاهدتُها بخَطِّه، وأَخْبَرَنَا بها أبو اليُمْن زَيد بن الحَسَن الكِنْديّ، إجازَةً عنه، قال: ومَرَرنا بسَقْى الباب؛ وهي ضَيعَةٌ حَسَنةُ الظَّاهر، كَثِيْرة المياه والشَّجَر، فقُلتُ ارتِجَالًا (١): [من الطّويل]

أمالكَ رِقِّي سَرِّح الطَّرفَ غَادِيًا … على أهْلِ بُطْنَانٍ سَقَتْها سَحابُها

حَدَائقُ للأحْدَاق (b) فيها لبُانَةٌ … يُعِيْدُ لنا شَرْخَ الشَّبَابِ شَبَابُهَا

وإنْ كُنتَ تَبْغي يَالَكَ (c) الخَيرِ مدْخَلًا … إلى جَنَّة الفِرْدَوْس فالبَابُ بابُهَا

والوَادِي يُنْسَبُ إلى بُطنَان حَبِيب، وهي قَرْيَة تُعْرَفُ ببُطْنَان حَبِيب، ولها تَلّ عليه دَيْرٌ يُقالُ لهُ: دَيْر حَبيب.

قال البَلاذُرِيّ في كتاب البُلْدان (٢): وبُطْنَان حَبِيْب نُسِبَ إِلى حَبِيْب بن مَسْلَمَةَ الفِهْريّ، وذلك أنَّ أبا عُبَيْدَة. أو عِيَاض بن غَنْم. وجَّهَهُ من حَلَب، فَفَتَح حِصْنًا بها، فَنُسِبَ إليهِ.


(a) بياضٌ قدر ثلاث كلمات والتعويض من زبدة الحلب ٢: ٥٢٩ ونصه: "فثار بهم النبوية من أهل ذلك البلد"، وجاء النص متصلًا عند ابن شدَّاد في نقله لهذا النص.
(b) الديوان: للحُذَّاق.
(c) مهملة الأوّل الأصل، والمثبت من الديوان وابن شدَّاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>