للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانَها حِبَالًا، وأنْزِعُ تلك البَطَائن فأَبِيعُ جميع ذلك وأُدْخله بَيْتَ المَالِ، فبَلَغَ ذلك أهل دِمَشْق فاشْتَدَّ عليهم، فخَرَج إليهِ أشْرَافُهُم فيهم خَالِدٌ القَسْرِيّ، فقال لهم خَالِد: إئذنُوا لي حتَّى أكُونَ أنا المُتَكلِّم، فأذِنُوا، فلمَّا أتَوْا دَيْر (a) سِمْعَان، اسْتأذَنُوا على عُمَر، فأذِنَ لهم، فلمَّا دَخَلُوا سلَّمُوا عليه، فقال له خَالِد: يا أَمِير المُؤْمنِيْنَ، بَلَغَنا أنَّك هَمَمْتَ في مَسْجِدنا بكَذا وكذا؟ قال: نَعَم (b)، رَأيتُ أمْوَالًا أُنْفقَت في غير حَقّها، وأنا مُسْتَدركٌ ما أدْرَكتُ منها (c)، فرادُّه إلى بَيْتِ المَالِ، فقال له: واللّهِ ما ذلك لكَ يا أَمِير المُؤْمنِيْن! فقال عُمَر: لمَن هو؟ لأُمِّكَ الكَافِرة! وغَضِبَ عُمَرُ، وكانت أُمُّهُ نَصْرَانَيَّة أُم وَلدٍ رُوميَّة، فقال خَالِد: إنْ تَكُ كَافِرةً فقد ولدَتْ مُؤْمنًا، فاسْتَحْيَى عُمَر وقال: صَدَقْتَ! فما قَوْلُكَ: ما ذاكَ لي؟ قال: لأنَّا كُنَّا مَعْشَرُ أهَل الشَّام، وإخْواننا من أهْلِ مِصْر، وإخْواننا من أهْلِ العِرَاق، نَغْزُو فيُعْرض (d) على الرَّجُل منَّا أنْ يَحمل من أَرْض الرُّوم قَفِيْزًا بالصَّغير من فُسَيْفِسَاء، وذِرَاعٍ في ذِرَاع من رُخَامٍ، فيَحْملُه أهْل العِرَاق وأهَل حَلَب إلى حَلَبَ، ويُسْتأجر على ما حملُوا إلى دِمَشْق، ويَحْملُه (e) أهْل حِمْصَ إلى حِمْص، ويُسْتأجر على ما حملُوا إلى دِمَشْق، ويَحْملُ أهل دِمَشْق ومَنْ ورَاءَهُم حَقَّهُم (f) إلى دِمَشْق، فذلك قَوْلي: ما ذاك لكَ، فسَكَتَ عُمَر.

قال: ثُمَّ جاءَهُ بَرِيدٌ من مِصْرِ من وَالِيها، يُخْبره أنَّ قَارِبًا وَرَد عليه من رُوميَة، فيه عَشرةٌ من الرُّوم عليهِم رَجُل منهم، يُريدُون الوُفُود إلى أَمِيرِ المُؤْمنِيْن، فكَتَبَ إليهِ أنْ وجِّهْهم إليَّ، ووَجَّه معهم عَشرةً من المُسْلمِيْن عليهم رَجُل منهم كُلّهُم يُحْسِن بالرُّوميَّةِ، ولا يُعْلمونهم بذلك حتَّى يَحْملُون إليَّ كَلَامهُم، فسَارُوا حتَّى نَزَلوا دِمَشْقَ، خَارِج باب البَرِيد، فسَأل الرُّوم رَئيس العَشرة (g) من المُسْلمِيْن أنْ


(a) ابن عساكر: إلى دير.
(b) ساقطة من نشرة تاريخ ابن عساكر.
(c) ساقطة من تاريخ ابن عساكر.
(d) ابن عساكر: فيفرض.
(e) ابن عساكر: ويحمل.
(f) ابن عساكر: حصَّتهم.
(g) الأصل: العشيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>