للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: أخْبَرَنا القَاضِي المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء (١)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيّ، قال: ذَكَرُوا أنَّ خَالِد بن عَبْدِ اللهِ القَسْرِيّ لمَّا أحْكَم جِسْرَ دِجْلَة، واسْتَقَام له نَهْر المُبارَك، أنْشَأ (a) عَطَايَا كَثِيْرة، وأذِنَ للنَّاسِ إذْنًا عامًّا، فدَخَلتْ عليه أعْرَابيَّةٌ قَسْرِيَّةٌ فأنْشَأت تقُول: [من الرجز]

إليكَ يا ابنَ السَّادَةِ المَوَاجدِ (b)

يَعْمَدُ في الحَاجَاتِ كُلُّ عَامِدِ

فالنَّاسُ بينَ صَادرٍ ووَارِدِ

مثْلُ حَجِيْج البَيْتِ نحوَ خَالِدِ

وأنْتَ يا خَالِدُ خَيْرُ وَالِدِ

أصْبَحْتَ عِندَ اللهِ بالمَحَامِدِ

مَجْدُكَ مثْلُ الشُّمَّخِ الرَّوَاكِدِ

ليسَ طَرِيفُ المُلْكِ مثْلُ التَّالِدِ

قال: فقال لها خَالِد: حاجَتَكِ كَائنَةً ما كانت؟ فقالت: أصْلَح اللهُ الأَمِير، أناخَ علينا الدَّهْر بجِرَانَهِ، وعَضَّنا بنابهِ (c)، فما تَركَ لنا صَافِنَا ولا مَاهِنًا، فكُنْتَ المُنْتَجَع، وإليكَ المَفْزَعُ، قال: فقال لها خَالِد: هذه حاجَةٌ لك دُوننا، فقالت: واللهِ لئن كان لي نَفْعُها إنَّ لك لأجْرُها وذُخْرها، مع أنَّ أهْلَ الجُوْد لو لَم يَجِدُوا مَنْ يَقْبَلُ العَطَاءَ لم يُوْصَفُوا بالسَّخَاءِ، قال لها خَالِد: أحْسَنْت، فهل لكَ من زَوْج؟ فقالت: لا وما كُنْتُ لأتَزَوَّج دَعِيًّا، وإنْ كان مُوْسِرًا غَنيًّا، وما كُنْتُ أشْتَري


(a) الجريري: أفشى.
(b) الجريري: الأماجد، وفي بعض نسخه ما يوافق ما هنا وما عند ابن عساكر.
(c) الجريري: بأنيابه، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>