للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافِظُ أبو القَاسِم (١): خَالِد بن المُعَمَّر بن سَلْمَان بن الحَارِث بن شُجاع بن الحَارِث بن سَدُوس بن شَيْبَان بن ذُهْل بن ثَعْلَبَة بن عُكَابَة بن صَعْب بن عليّ بن بَكْر بن وَائِل الذُّهْلِيّ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ، ثمّ غَدَر بالحَسَن بن عليّ ولَحِقَ بمُعاوِيَة.

قال (٢): ذَكَرَ أبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد الإيْجِيّ الكَاتِبُ: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْدٍ، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم، عن أبي عُبَيْدَة، قال: لمَّا قُتِلَ عليّ بن أبي طَالِب، أرادَ مُعاوِيَةُ النَّاسَ على بَيْعَةِ يزِيد، فتَثَاقَلَتْ رَبِيْعَةُ ولَحِقَتْ بعَبْد القَيْسِ بالبَحْرين، واجْتَمَعت بَكْر بن وَائِل إلى خَالِد بن المُعَمَّر، فلمَّا تثَاقلَت رَبِيْعَة، تَثَاقلَتِ العَرَب أيضًا، فضَاق مُعاوِيَة بذلك ذَرْعًا، فبَعَثَ إلى خَالِد فقَدِمَ عليهِ، فلمَّا دَخَلَ إليه رَحَّبَ بهِ، فقال: كيف ما نحنُ فيه؟ قال: أرَى مُلْكًا طَرِيفًا، وبُغْضًا تَليْدًا، فقال مُعاوِيَةُ: قُلْ ما بَدَا لك، فقد عفونا عنكَ، ولكن ما بال رَبِيْعَة أوَّل النَّاس في حَرْبنا وآخرهم في سِلْمنا؟ قال له خَالِد: إنَّما أتيتُكَ مُسْتَأمنًا ولَم آتك مُخَاصمًا، ولسْتُ للقَوْم بحَرِيّ في حُجَّتهم، وإنَّ رَبِيْعَة إنْ تَدْخُل في طاعَتكَ تَنْفَعْكَ، وإنْ تَدْخُل كَرْهًا تكُن قُلُوبها عليك، وأبْدَانها لك، فاعْطِ الأمَان عامَّتهم؛ شَاهِدهم وغَائبهم، وأنْ يَنزلُوا حيث شَاؤُوا، فقال: أفْعل. فانْصَرَف خَالِدٌ إلى قَوْمهِ بذلك.

ثُمَّ إنَّ مُعاوِيَة بدا لهُ فبَعَثَ إلى خَالِد فدعاهُ، فلمَّا دَخَلَ إليه، قال: كيف حُبُّكَ لعليّ؟ قال: اعْفِني يا أَمِير المُؤْمنِيْن ممَّا أكْرَهُ، فأبَى أنْ يعفِيَهُ، فقال: أُحبُّه والله على حلْمِهِ إذا غَضِب، ووَفَائهِ إذا عَقَد، وصِدْقهِ إذا أكَّدَ، وعَدْلهِ إذا حَكَم (a)، ثمّ انْصَرَف ولَحِق بقَوْمه، وكَتَبَ إلى مُعاوِيَة (٣): [من الطويل]

مُعَاوِيَ لا تَجْهَلْ علَينا فإنَّنا … يَدٌ لَكَ في اليَوْم (b) العَصِيْبِ مُعَاوِيا


(a) الأصل: حلم.
(b) ابن أعثم: نذلك في الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>