للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فضَرَبَها بالسَّيْف فَجَزَلَها (a) باثْنَتَيْن، ثُمَّ رَجع إلى رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخْبَره، فقال: نَعَم؛ تلك العُزَّى قد أَيِسَت أنْ تُعْبَد ببلادِكُم أبدًا، ثمّ قال خَالِدٌ: إي رسُول اللهِ، الحَمْدُ للهِ الّذي أكْرَمنا بكَ وأنْقَذنا من الهَلَكَة، ولقد كُنْت أرَى أبي يأتي العُزَّى نَحيرة (b) مائة من الإِبِل والغَنَم فيَذْبَحُها للعُزَّى، ويُقيم عندها ثلاثًا ثُمَّ يَنْصرف إلينا مَسْرُورًا، فنَظَرْتُ إلى ما مات عليه أبي، وذلك الرَّأي الّذي كان يُعاش في فَضْلهِ كيف خُدِع حتَّى صَار يَذْبح لحَجَرٍ لا تَسْمَع ولا تُبْصِر، ولا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ، فقال: رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ هذا الأمر إلى اللهِ فمَن يَسَّره اللهُ للهُدَى تيسَّر ومَنْ يُسِّر للضَّلَالةِ كان فيها.

وكان هَدْمُها لخَمْسِ ليالٍ بَقِينَ من رَمَضَان سَنَة ثَمانٍ، وكان سَادنها أفْلَح بن النَّضْر الشَّيْبَانِيّ من بني سُلَيم، فلمَّا حَضَرته الوَفَاة دَخَل عليهِ وهو حَزِينٌ، فقال له أبو لَهَب: ما لي أراكَ حَزِينًا؟ قال: أخَافُ أنْ تَضِيْع العُزَّى من بَعْدي، قال أبو لَهَب: فلا تَحْزَن؛ فأنا أقُومُ عليها من بعدك فجَعَل كُلّ مَنْ لَقي قال: إنْ تظهر العُزَّى كنْتُ قد اتَّخذت يَدًا عندها بقيامي عليها، وإنْ يَظْهَر مُحَمَّد على العُزَّى، ولا أراهُ يَظْهَرُ فابن أخي، فأنْزَل الله عزَّ وجلَّ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (١)، ويُقالُ إنَّهُ قال هذا في اللَّات.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَد وأبو عَبْد الله يَحْيَى ابْنَا الحَسَن بن البَنَّاء، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهما أو من أحَدهما، قالا: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سُلَيمان،


(a) الأصل: فحزلها، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وانظر: لسان العرب، مادة: جزل، وفيه الاستشهاد بخبر خالد مع العزى.
(b) كذا في الأصل بمثناة تحتية، وفي تاريخ ابن عساكر: بحترة.

<<  <  ج: ص:  >  >>