للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَديهِ على قِنَّسْرِيْن، وعلى دِمَشْق يَزِيد بن أبي سُفْيان، وعلى الأُرْدُنّ مُعاوِيَةُ، وعلى فِلَسْطين عَلْقَمَةُ بن مُحْرِز (a)، وعلى الأَهْرَاءِ عَمْرو بن عَبَسَة (b)، وعلى السَّواحل عَبْد الله بن قَيْسٍ، وعلى كُلّ عَمَلٍ عَامِل، فقامتْ مَسَالِح الشَّام ومِصْر والعِرَاق على ذلك إلى اليَوْم، ولم تُجَاز (c) أُمَّة إلى أُخرى خَلْفَها (d) بَعْدُ إلَّا أنْ يَقْتحمُوا عليهم بعد كُفرٍ منهم، فيقدِّمُوا مَسَالحَهُم، واعْتَدلَ ذلك سَنَة سَبْع عَشرة.

قال (١): وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن أبي المُجَالِد، والرَّبِيْع وأبي عُثْمان وأبي حَارِثَة بإسْنَادِهِم، قالوا: لمَّا قَفَل خَالِدٌ وبلَغَ النَّاس ما أصَابَتْ تلك الصَّائِفَة انتَجَعَهُ رجال، فانْتَجَع خَالِدًا رجالٌ من أهْلِ الآفاق، وكان الأشْعَثُ انْتَجَع (e) خَالِدًا بقِنَّسْرِيْن فأجازَهُ بعَشرة آلافٍ، وكان عُمَرُ لا يَخْفَى عليه شيء في عَمَله؛ فكُتِبَ إليه من العِرَاق بخُرُوج مَنْ خَرَج منها، ومن الشَّام بجَائِزَة من أُجِيز فيها، فدَعَا البَرِيدَ وكَتَبَ معه إلى أبي عُبَيْدَة أنْ يُقيم خالِدًا ويعقلَهُ بعِمَامَتهِ، ويَنْزِعَ عنهُ قَلَنْسُوَتَهُ حتَّى يُعْلمَكُم من أين أجازَ (f) الأشْعَثَ؛ أَمِن مَالِ اللهِ عزَّ وجلَّ، أم من مَالِهِ، أو من إصَابةٍ أصَابَها، فإنْ زَعَم أنَّهُ أصَابَها (g) فقد أقرَّ بخِيَانةٍ، وإنْ زَعم أنَّها من مَالهِ فقد أسْرَفَ، واعْزله على كُلِّ حالٍ واضْمُم إليكَ عَملَهُ، فكَتَبَ أبو عُبَيْدَة إلى خَالِدٍ، فقَدِمَ عليه، ثُمَّ جَمَع النَّاسَ وجَلَس لهم على المِنْبَر، فقام البَرِيد فقال: يا خَالِد، أَمِن مَالكَ أجَزْتَ بعَشرة آلافٍ أم من إصَابةٍ؟ فلَم يُجبْهُ حتَّى أكْثَر عليه، وأبو عُبَيْدَة سَاكِتٌ لا يقُول شيئًا، فقام بِلَال إليه فقال: إنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن أمَرَ فيك بكذا وكذا، ثمّ تَنَاول عِمَامَتَهُ فنقَضَها؛ لا يَمنَعُه سَمْعًا وطَاعةً، ثم وَضَع قَلَنْسُوَتَهُ،


(a) الطبري: مجزّز، ابن عساكر: مجرز.
(b) مهملة في الأصل على رسم: عنبسة، والمثبت من تاريخ الطبري وابن عساكر.
(c) الطبري: تَجُز.
(d) الطبري: عملها.
(e) الطبري: ممن انتجع.
(f) الطبري: إجازة.
(g) الطبري: فإن زعم أنها من إصابة أصابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>