للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ أقامَهُ فعقَلَهُ بعِمَامَته، وقال: ما تقُول: أمِن مالك، أو من إصَابةٍ؟ قال: لا بل منِ مالي، فأطلقَهُ وأعاد قَلَنْسُوَتَهُ، ثمّ عَمَّمَهُ بيَدِه وقال (١): نَسْمَعُ ونُطِيْعُ لوُلَاتنا، ونُفَخِّم ونَخْدمُ مَوَالِينا.

قال (٢): وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن أبي عُثْمان، وأبي حَارِثَة، والرَّبِيْع، وأبي المُجَالِد، قالوا: وأقام خَالِد مُنْخَزلًا (a) لا يَدري أمَعْزُول أو غيرُ مَعْزُول وجَعَل أبو عُبَيْدَة يُكْرمُه ويَزيدُه تَفْخيمًا ولا يُخبره، حتَّى إذا طَالَ على عُمَرَ أنْ يَقدم، ظَنَّ الّذي قد كان، فكَتَبَ إليه بالإقْفَالِ (b)، فأتَى خَالِد أبا عُبَيْدَة، فقال: رَحِمكَ اللهُ، ما أردْتَ إلى الّذي صَنَعْتَ؛ تَكْتمني أمرًا كنتُ أُحبُّ أنْ أعْلَمه قبل اليَوْم! فقال أبو عُبَيْدَة: فإنِّي واللهِ ما كُنْتُ لأُرَوِّعكَ ما وَجدْتُ من ذلك بُدًّا، وقد عَلِمتُ أنَّ ذلك يَرُوعُك، قال فرجَع خَالِدٌ إلى قِنَّسْرِيْن، فَخطَبَ أهْل عَمَله ووَدَّعَهُم، وتَحمَّل، ثمّ أقْبَل إلى حِمْص فَخطَبَهُم ووَدَّعهُم، ثمّ خَرَج نحو المَدِينَة حتَّى قَدِمَ على عُمَر فشَكَاهُ، وقال: لقد شكَوْتُكَ إلى المُسْلمِيْن، وباللهِ إنَّك في أمْري غيرُ مُجِملٍ يا عُمَر، فقال عُمَر: من أين هذا الثَّرَاء (c)؟ قال: من الأنْفَالِ والسُّهْمَانِ، قال: ما زادَ على السِّتِّين ألفًا فلكَ، فقُوِّم عُرُوضهُ فَخَرَجَت عليه (d) عشْرُون ألفًا، فأدْخَلها بَيْتَ المَال، ثُمَّ قال: يا خَالِد، واللهِ إنَّك عليَّ لكَرِيمٌ، وإنَّكَ إليَّ لحَبِيْبٌ، ولن تُعَاتبَني بعدَ اليَوْم على شيء.

قال (٣): وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عن أبي ضَمْرَة وأبي عُمَر، عن زَيْد بن أسْلَم، عن أَبِيهِ، قال: عَزَلَ عُمَرُ خَالِد، فلم يُعلمه أبو عُبَيْدَة حتَّى عَلمَ خَالِد من قِبَل غيره، فأتاهُ


(a) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر، وعند الطبري وزبدة الحلب: متحيرًا، وهي أقرب للمراد لأن الانخزال: التثاقل والتراجع، وكسرة الظهر. لسان العرب، مادة: خزل.
(b) الطبري وابن عساكر: بالإقبال.
(c) الأصل: الثرى، والمثبت عبارة الطبري وابن عساكر.
(d) الطبري: إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>