للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبرَّزْتَ عليهم بشَطْر كَلِمَة، فللَّه أبُوك! قُلتُ: وبِمَ وصفَهُ امْرُؤ القَيْس؟ فقال: بقَوْلِهِ (١): [من الطويل]

ولَيْلٍ كَمَوْج البَحْر أرْخى سُدُولَهُ … عليَّ بأنْوَاع الهُمُوم ليَبْتَلي

فقُلْتُ له لمَّا تَمَطَّى بصُلْبِهِ … وأرْدَفَ أعجْازًا وناءَ بكَلْكَلِ

ألَا أيُّها اللَّيْل الطَّويلُ ألَا انْجَلي … بصُبْحٍ وما الإصْبَاحُ منْكَ بأمْثَلِ

قُلتُ: وبم وَصفَهُ النَّابِغَةُ؟ فقال: بقَولهِ (٢): [من الطويل]

كَليني لهَمٍّ يا أُمَيْمَة نَاصِبِ … ولَيْلٍ أُقَاسِيْهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ

وصَدْرٌ أرَاحَ (a) اللَّيْلُ عَازِبَ هَمِّهِ … فضاعَف فيه الهمَّ (b) من كُلِّ جَانِبِ

تقاعَسَ (c) حتَّى قُلْتُ: ليسَ بمُنْقَضٍ … وليس الّذي يَهْدِي (d) النُّجُوم بآيبِ

قُلتُ له: بِمَ وصَفَهُ بَشَّار؟ فقال: بقَوْلهِ (٣): [من الطويل]

خَلِيليَّ ما بالُ الدُّجى لا تَزَحْزَحُ … وما بالُ ضَوء الصُّبْح لا يَتَوَضَّحُ

أظنُّ الدُّجَى طالَت وما طالت (e) الدُّجَى … ولكن أطال اللَّيْلَ سقمٌ (f) مُبَرِّحُ

أضَلَّ النَّهَارُ المُسْتَنِيْرُ طَرِيقَهُ (g) … أم الدَّهْرُ لَيْلٌ كُلُّه ليس يَبْرَحُ

قُلتُ له: يا مَوْلاي، هل لك في شِعْرٍ قُلْتُه لم أُسْبَق إليهِ؟ قال: نعم، فقُلْتُ (٤): [من مجزوء الرمل]

كُلَّما اشْتَدَّ خُضُوْعِي … لجَوَىً بينَ ضُلُوعِي

رَكَضَتْ في حَلْبتي خَدَّ … يَّ خَيْلٌ من دُمُوعِي


(a) تاريخ بغداد: أزاح.
(b) ديوان النابغة: تضاعف فيه الحزن.
(c) ديوان النابغة: تطاول.
(d) ديوان النابغة: يرعى.
(e) الديوان: كأن الدجى زادت وما زادت.
(f) الديوان: همّ.
(g) الديوان: سبيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>