للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسَاء. فغَضِبَ الملكُ وقال: اطْلُبُوهُ، فهَرَبَ، فطلَبَهُ ثلاثةٌ، فأصَابَهُ اثْنان منهم، فطَلَب إليهما أنْ يُطْلِقَاهُ، فأبيا، وجاءَ الثَّالثُ فقال: لا تَذْهَبا به فلعَلَّهُ يَضْربُه وهو وَلَدُه، فأطْلَقَاهُ، ثمّ جاؤُوا إلى المَلِك فأخْبَره الاثْنان أنَّهما أخَذَاهُ وأنَّ الثَّالثَ أَخذَهُ منهما. فَحَبسَ الثَّالثَ، ثمّ فَكَّرَ الَملِكُ فدَعَا الاثنين، فقال: أنتما خَوَّفْتُما ابني حتَّى ذَهَبَ، فأمَر بهما فقُتِلا، ودَعَا بالمَرْأةِ فقال لها: أنْتِ هرَّبْتِ ابني، وأفْشَيْتِ سِرَّهُ، لو كَتَمْتِ عليه لأقام عندي، فقَتَلها، وأطْلَق المَرْأةَ الأُوْلَى والرَّجُل. فذَهَبتِ المَرْأهُ فاتَّخَذَتْ عَرِيشًا على باب المَدِينَةِ، فكانت تَحْتَطبُ وتَبِيْعُه ونتقَوَّتُ بثَمنهِ، فخرَجَ رَجُلٌ من المَدِينَة فَقِيْرٌ، فقال: بِسْم اللَّه. فقالت المَرْأة: وأنْتَ تَعْرف اللَّه؟ قال: أنا صَاحِبُ الخَضِر، قالت: وأنا امْرأةُ الخَضِر، فتزوَّجَهَا ووَلدَتْ له، وكانت مَاشِطَة ابنةِ فِرْعَوْن.

فقال أسْبَاط، عن عَطَاء بن السَّائِب، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاسٍ: إنَّها بينا هي تمشُط ابْنَة فِرْعَون سَقَط المشْطُ من يَدها، فقالت: سُبْحان رَبِّي، فقالت ابنَةُ فِرْعَون: أبي؟ قالت: لا، رَبِّي ورَبُّ أبيكِ، فقالت: أُخْبِرُ أبي؟ قَالت: نَعَم، فأخْبَرتْهُ، فدَعَا بها فقالْ ارْجعي، فأبَتْ. فدَعا بنقْرةٍ (a) من نُحاسٍ وأخَذَ بعضَ وَلدها فرَمَى به في النُّقْرَة وهى تَغْلي، ثُمَّ قال: لها: تَرْجِعينَ؟ قالت: لا، فأخَذَ الوَلَد الآخر حتَّى ألْقَى أوْلادَها أجْمَعِين، ثُمَّ قال لها: تَرْجِعين، قال: لا، فأمَرَ بها، قالت: إنَّ لي حَاجَةً، فقال: وما هي؟ قالت: إذا ألْقَيْتَني في النُّقْرَة، تأمر بالنُّقرَهَ أنْ تُحْمَل ثُمّ تُكْفى (b) في بَيْتي الّذي على بابِ المَدِينَة، وتُنَحِّى النُّقْرة، ويُهْدم البَيْت عَلَينا حتَّى تكُون قُبُورنا، فقال: نَعَم، إنَّ لك علينا حَقًّا، قال: ففَعَل بها ذلك.


(a) في تاريخ ابن عساكر حيثما ترد: بقرة.
(b) الجليس الصاع: تطفأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>