أخٌ لهذا ابن القِنْجِ من سَرْمِيْن، كان مَأسُورًا، فقَرَّرُوا له شيئًا وعاد عنها، فوَصَل بعضُ أوْلَاد ابن مُلاعِب الّذين كانُوا بدِمَشْق والّذي كان بشَيْزَر، فذَكَرُوا لطنْكَلِي قِلَّةِ القُوْتِ بها، فعادَ في رَمَضَان [و] نَزَل عليها، فأقامَ إلى آخر السَّنَةِ وفتَحَها في الثَّالث عَشر من مُحَرَّم سَنَة خَمْسمائة، وأَسَرَ ابن القِنْجِ والصَّائِغ، وعَاقَبَ ابن القِنْجِ وقَتَلَهُ، وأطْلَقَ بعضَ أهْلِ أفَامِيَة.
أنْبَأنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ الفَنَكِيّ، قال: أخْبَرَنا مُؤَيَّد الدَّوْلَة أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ في كتابهِ أنَّ قَوْمًا من أهْلِ أفَامِيَة من الإسْمَاعِيْليَّة عَملُوا على مَالِكها، وتحيَّلُوا عليه بأنْ جاءَ منهم ستَّة نَفَرٍ وقد حَصَّلُوا حِصَانًا وبَغْلةً وعُدَدًا إفْرنْجِيَّةً وتراسًا وزَرَدِيَّة، وخَرَجُوا من بَلَد حَلَب إلى أفَامِيَة بتلك العُدَّة والدَّوَابّ، وقالُوا لسَيْفِ الدَّوْلَةِ خَلَف بن مُلَاعِب، وكان رَجُلًا كَرِيْمًا شُجَاعًا: جِئْنا قَاصِدين خدمتَكَ فلَقِيْنا فَارِسًا من الإفْرَنْج فقَتَلْناهُ، وجئْنا إليك بحِصَانهِ وبَغْلَته وعُدَّتهِ، فأكْرَمَهُم وأنْزَلَهم في حِصْن أفَامِيَة في دار مُجَاورة السُّور، فنَقَبُوا السُّور، ووَاعَدُوا الفَامِيِّيْن إلى لَيْلَة الأَحَد الرَّابِع والعشرين من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، فطَلَعَ الفَامِيُّون من ذلك النَّقْب فقَتَلُوا خَلَف بن مُلاعِب ومَلَكُوا حِصْنَ أفَامِيَةَ.
قَرأتُ بخَطِّ العَضُد أبي الفَوَارِس مُرْهَف بن أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ: سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، فيها قَفَز أهْلُ أفَامِيَة مع القَاضِي ابن القِبْج (a) على سَيْف الدَّوْلَةِ خَلَف بن مُلَاعِبٍ وقَتَلُوه وقَتَلُوا أوْلَادَهُ في الرَّابِع والعشرين من جُمَادَى الأُوْلَى.
(a) قيَّده في هذا الموضع الباء، وتقدم له بالنون، ولعل ابن العديم نقله كما وجده في كتاب ابن منقذ.