مَضَوا إلى مِصْر يَلْتَمسُونَ وَاليًا يكون عليهم، ووَقَعَ اقْتِرَاحهم عليه، فوَصَل في يَوْم الأرْبَعَاء الثَّامن من ذي القَعْدَة، ودَخَلَها ومَلَكَها.
قال (١): ثمّ قُتِلَ في السَّادِس والعشْرين من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين، قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ وصَلُوا من حَلَب من أصْحاب أبي طَاهِرٍ الصَّائِغ القَائِم بمَذْهَب البَاطِنِيَّةِ بعدَ مَوْت المُنَجِّم المَعْرُوف بالحَكِيم بحَلَب، وكانُوا من أهْلِ سَرْمِيْن، وقامُوا فيها بمُوَافَقة رَجُلٍ دَاعٍ كان بأفَامِيَة يُقال له: ابن القِنْجِ (a)، أصْلُهُ من سَرْمِيْن وأقامَ بأفَامِيَة يَحْكُمُ بين أهْلها، وقرَّرَ ذلك مع أهْلها، وأحْضَر هؤلاء، ونَقَبَ أهْلُها نَقْبًا في سُورها حتَّى قَارب الوُصُول، فلمَّا وَصَل هؤلاء لقيهم ابن مُلَاعِب فأهْدَوا إليه فَرَسًا وبَغْلةً كانُوا أخَذُوها من إفْرِنْج لقُوهم في الطَّريق، فأعْلَمُوه أنَّهم جاؤُوا بنيَّة الغَزْو إلى بلدِ الرُّوم، وباتُوا بِظَاهِر الحِصْن إلى اللَّيْلِ، ودَخَلُوا من ذلك النَّقْب، ورَتَّبُوا بَعْضَهُم على دُور أوْلَادِهِ لئلا يَخْرجُوا يُنْجدُونَهُ، وصَعدُوا إليه، فَخَرَجَ إليهم فطُعِنَ في بَطْنهِ، فرَمَى بنفْسِهِ من القُلَّةِ يُريد دَار بعضِ أوْلَادِه، فطُعِنَ أُخرى وماتَ بعد سَاعةٍ.
وحين صَاحَ الصَّائِحُ على القُلَّةِ، ونَادَى بشِعَار رِضْوَان ابن تَاج الدَّوْلَةِ، تَرَامَى أوْلَادُه وخاصَّتُه من السُّور، فبَعْضُهِم قُتِل، وأُخِذَ أكْثَرهم فيما بين أفَامِيَة وشَيْزَر، وقُتِلُوا، وسَلَّم اللَّهُ مُصَبّح (٢)، ووصَل إلى شَيْزَر، وأقامَ عند ابن مُنْقِذ مُدَّةً وأطْلَقَهُ.
ودَخَل طنْكَلِي (٣) إلى أفَامِيَة عَقِيْب هذا الحَادِث طَمَعًا في الحِصْنِ، ومعه
(a) القلانسي ١٤٩ والمقفى ٣: ٧٦٥: يعرف بأبي الفتح السرميني.