خَرَجَت عن يَده في سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، وقُتِلَ سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين، فبَقِيَت خَارِجَة عن يَده قَبْل قَتْله أرْبَع سِنين وثلاثة أشْهُر.
وكانت أفَامِيَة في يَد ابن مُلَاعِب مع حِمْص في أيَّام أبي المَكَارِم مُسلِم بن قُرَيشْ، فإنَّني قَرأتُ في كتاب العُظَيْميّ (١) بخَطِّه، قال: سَنَهَ خَمْسٍ وسبْعِين وأرْبَعِمائة، وفيها في صَفَر حَاصَر شَرَفُ الدَّوْلَةِ ابن مُلاعِب بقَلْعَة حِمْص. وفيها عادَ شرَف الدَّوْلَة إلى حَلَب وقد صَالَح ابن مُلَاعِب.
قَرَأتُ في تاريخ أبي المُغِيْث مُنْقِذ بن مُرْشِد الّذي ذَيَّلَ به تاريخ ابن المُهَذَّب، قال في سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة: وفيها طَلع قَوْمٌ من أهْلِ أفَامِيَة إلى الأفْضَل يَسْألُونَه أنْ يُولِّي عليهم سَيْف الدَّوْلَةِ خَلَف بن مُلاعِب فنَهَاهُم، وقال: لا تَفْعلُوا، وحَذَّرَهُم من فِسْقهِ، فقالوا: نحنُ نَجْعَل عيَالَاتنا لنا لَيْلَةً ولهُ ليْلَة، فسَيَّرَهُ معهم، ووَصَل أفَامِيَة لَيْلَة الأرْبَعَاء الثَّاني والعشرين من ذي القَعْدَة.
قُلتُ: هؤلاء أهْل تلك الجِبَال أكْثَرهُم دُهْرِيَّة دَرْزِيَّة؛ يَسْتَبيحُون ذَوَات الأرْحَام، ولا يَعْتقدُون تَحْريم الحَرَام.
قَرأتُ بخَطِّ عُمَر بن مُحَمَّد العُلَيْمِيّ المَعْرُوفُ بابنِ حَوَائِج كش (a) الحافِظ، وأخْبَرَنا به، إجَازَةً عنهُ، أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن النَّسَّابَة، وذَكَرَ العُلَيْمِيّ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ ابن زُرَيْقٍ -يعني: أبا الحَسَن يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّطِيْف بن زُرَيْق- وكان عَالمًا بالتَّاريخ، قال: وقَدِمَ إلى أفَامِيَة -يعني: خَلَف بن مُلاعِب- من مِصْر سَنَة تِسْعٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة، لأنَّ أهل أفَامِيَةَ
(a) قيَّده المقريزي (المقفى ٨: ٧١٠): ابن حوائج كاش.