لحَرْب القِرْمِطِيّ بناحيةِ الشَّام، فَمضَى إلى حَلَب في عَشْرة آلاف.
قال (١): وللنِّصْف من شَهْر رَمَضَان، مَضَى أبو الأغَرِّ إلى حَلَب، ونَزَل وَادِي بُطْنَان قَريبًا من حَلَب، ونَزَل معه جميع أصْحَابهِ، فنَزَع -فيما ذُكِر- جَمَاعَةُ من أصْحَابهِ ثِيَابهم ودَخَلُوا الوَادِي يتَبَرَّدُونَ بمائهِ؛ وكان يَوْمًا شَدِيد الحَرِّ، فبينا هُم كذلك، إذْ وَافاهُم جَيْش القِرْمِطِيّ المَعْرُوف بصَاحِب الشَّامَة، مُقَدَّمهم المَعْرُوف بالمُطَوَّق، فكَبَسَهُم على تلك الحالِ، فقَتَلَ منهم خلقًا كَثِيرًا، وانْتَهَب العَسْكَر، وأفْلَتَ أبو الأَغَرّ وجَمَاعَةٌ من أصْحَابهِ، فدَخَلَ حَلَب، وأفْلَتَ معه مِقْدَار ألْف رَجُلٍ، وكان في عَشرة آلاف رَجُل ما بين فَارِسٍ ورَاجِلٍ، وقد كان ضَمَّ إليهِ جَمَاعَةً ممَّن كان على باب السُّلْطان من قُوَّادِ الفَرَاغِنَةِ ورِجَالهم، فلَم يُفْلِت منهم إلَّا اليَسِيْر، ثُمَّ صَار أصْحَاب القِرْمِطِيِّ إلى باب حَلَب، فحارَبَهُم أبو الأَغَرَّ ومَن بَقِي معَهُ من أصْحَابهِ وأهْل البِلاد فانْصرفُوا عنه.
قَرَأتُ في حَوَادِث سَنَة سَبع وتِسْعِين ومَائتَيْن من تاريخ ثَابِت بن سِنَان بن ثَابِت بن قُرَّة، قال في أيَّامِ المُقْتَدِر: وفيها قَدِمَ أبو الأَغَرّ خَلِيفَة بن المُبارَك السُّلَمِيّ من الرَّقَّةِ بغير إذنٍ، فقُبِض عليه وعلى جَمَاعَةٍ من أهْلِهِ، وكُسِرَ سَيْفُه، وخُرقَ سَوَادُه وحُبِس.
وقال في حَوَادِث سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثِمائة: وفي يَوْم الأرْبَعَاء لليَلَتَيْن بَقِيَتا من رَجَب أُطْلقَ أبو الأَغَرّ خَلِيفَة بن المُبارَك السُّلَمِيّ من الاعْتِقَالِ في دار السُّلْطانِ، وخُلِعَ عليه خِلعَ الرِّضَا في يَوْم الخَميْس مُسْتَهَلّ شَعْبان.
أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن الشِّيْرَازيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا