للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عَليٌّ ما يَقُول ابنُ النَّابِغَهَ (١): [من الرجز]

لأصْبِحَنَّ (a) العَاصِيَ بنَ العَاصِي … سَبْعِينَ ألْفًا عَاقدِي النَّواصِي

مُسْتَحْقبين (b) حَلَقَ الدِّلَاص … مُجْتَنبين الخَيْلَ بالقِلَاصِ (c)

أَشْبَالَ (d) غيْل حينَ لا مَنَاصِ

فبادرَ أبو الأعْوَر السُّلَميَّ إلى ماءَ الفُرَاتِ، فصَفَّ خَيْلَهُ عليهِ، ومَنَعَهُ أصْحَاب عليّ، فشَاور مُعاوِيَةُ أصْحَابَهُ، فقال لهُ عَمْرو بن العَاصِ: خَلّ لهم عن الماءِ؛ فإنَّ ابن أبي طَالِب لا يَعْطَشُ وبيَده أَعِنَّهُ الخيل، فبعَثَ عليُّ إلى مُعاوِيَة: إنَّا وإيَّاك جئْنا لأمْر فَخَلِّ لنا عن الماءَ وإلَّا تَجالَدنا عليه، فبَعَثَ مُعاوِيَةُ إلى أبي الأعْوَر: خَلّ لهم عن الماءَ، فبَعَثَ إليهِ: والله لا شَربُوا منه شَرْبَةً وفِيَّ شيء من الرُّوْح، وقال لهُ ابنُ أبي سَرْحٍ: اقْتلُهُم عَطَشًا، قَتَلَهُم اللهُ كما قَتَلُوا أَمِيرَ المُؤمِنِين عُثْمان عَطَشًا، فقال مُعاوِيَةُ: إنَّ عُمَرًا أعْلَمُ منكما، وأَبَى أبو الأعْوَر أنْ يُخَلِي لهم عن الماءَ، فحَمَل الأشْعَثُ بن قيسٍ في اثْنَي عَشَر ألفًا، فكشفَهُم عن الماءَ، فقالَ عليٌّ: هذا يَوم نَصَرَتْنَا فيه الحِمَّيهُ، فقال رَجُلُ ممَّن كان في عَسْكر عليّ: [من الطويل]

ألَا تتَقُون الله إذْ تمنَعُوننا الـ … ـــفُراتَ وتَرْوِيَ بالفُرَاتِ الثَّعَالبُ

وَقَدْ وَعَدُوْنا الأحمَرَيْن فلم نَجِدْ … لَهُم أحْمَرًا إلَّا قِرَاعِ الكَتَائِبُ

وخَرَجَ عليّ يَسْتَعْرضُ عَسْكَر مُعاوِيَة على بَغْلٍ لَهُ قَصِيْرٍ، وفَرسُه تحت غُلَامٍ لهُ ورَاءَهُ، فهَمُّوا به، فقال عليّ لغُلَامِهِ: انْزل عن الأدْهَم لا أَبا لَكَ! ثمّ بعَثَ إلى هاشِم بن عُتْبَةَ، وهو المِرْقَالُ، وكان صَاحِبَ لواءِ عليٍّ يومَ صِفِّيْن، أن احْمِل


(a) ديوان الإمام علي: لأوردنَّ.
(b) دبوان الإمام علي: مستحلقين.
(c) ديوان الإمام علي: قد جنبوا الخيل مع القلاص.
(d) ديوان الإمام علي: آساد.

<<  <  ج: ص:  >  >>