للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سَنَة سَبْعِين ومَائتَيْن، وَنزَل بعَسَاكِره حتَّى هَزَم الخَزَرِيّ واتّبَعَهُ إلى بَالِس، فهَرَبَ الخَزَرِي إلى بَرِّبَّةِ سِنْجَار، فعَاد خُمَارَويْه إلى حَلَبَ.

وكاتَبَ المُوَفَّق بأنْ يُوَلَّى على سَائرِ أعْمَال جُنْد قِنَّسْرِيْن، والعَوَاصِم، وديار مُضَر والثُّغُور الشَّامِيَّة والجَزَرِيَّة، وعَمل الفُرَات، وديار رَبِيْعَة، والمَوْصِل، وأَرْمِينِيَة، وقَالِيْقَلا، فإنَّها كُلّها كانت قد صَارَتْ في يَده، ويُدْعَى له على مَنَابِرها، فلم يُجِبْهُ إلى ذلك.

وتَجدَّد بينَهُ وبين الأَفْشين مُحَمَّد بن دِيْودَاد مُوَاحَشة آلَتْ إلى أنْ اسْتَوْحَش من الموفّق أبي أحْمَد، فسَيَّرَ المُوَفَّق ابْنَهُ أبا العبَّاس -المُلَقَّب بالمُعْتَضِد بعد ذلك- في أيَّام أخيهِ المُعْتَمد على اللَّه في سَنَة إحْدَى وسَبْعِين ومَائتَيْن، ورَجَع خُمَارَويْه، ووَصَل أبو العبَّاس ابن المُوَفَّق إلى الرَّمْلَة، فلَقِيَ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُونِ، وجَرَت بينَهُ وبينَه وَقْعَة الطَّوَاحِين (١) من أرْض الرَّمْلَةِ، فهَزَم أبو العبَّاس خُمَارَوَيْه في شَوَّال سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِيِن ومَائتَيْن، واحْتَوَى على عَسْكَرِه، وَنَزَل فيِ مَضْربه، واشْتَغَل أصْحَابُ أبي العبَّاسِ بالنَّهْب، فكَرَّ عليهم عَسْكَرُ خُمَارَوَيْه، فانْهَزموا ونُهِبَ جميعُ ما في العَسْكَرين، وانْحازَ أبو العبَّاس إلى صُوْر بعد أنْ قُتِلَ من أصْحَابهِ وفُقِدَ خَلْقٌ، ثمّ مَضَى إلى طَرَسُوس، ثمّ إلى بَغْدَاد.

وأمَّا خُمَارَوَيْه، فإنَّهُ لمَّا كُسِرَ عَسْكَره، انْهَزَم إلى مِصْر، فلَحِقَهُ مَنْ رَدَّهُ، وأخْبَرَهُ بما تجدَّد لعَسْكَره من الظَّفَر والغَلَبَة، فعادَ ونَزَل إلى دِمَشْقَ، وقَدِمَها سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِينِ.


(١) وثَّق أحمد بن الطيب السرخسي (ت ٢٨٦ هـ) تفاصيل هذه الواقعة ومسير المعتضد لقتال خمارويه ابن طولون في وقعة الطواحين سنة ٣٧١ هـ، وأورد ابن العديم نصوصًا طويلة منها في ثنايا كتابه، خاصة ما يتصل بوصف المدن والقرى التي مرت الحملة بها، وانظر عن الوقعة أيضًا: الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ٦٥، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ١٦: ٢٦١ - ٢٦٢، ابن كثير البداية والنهاية ١١: ٤٩، ابن خلدون: العبر ٦: ١٢٩ - ١٣٠، المقريزي: المقفى الكبير ٣: ٨١٤ - ٨١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>