للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ وَصَلَ خُمَارَوَيْه إلى حَلَب، وكاتَبَ ابن أبي السَّاج، فَخَطَب له ابنُ أبي السَّاجِ في جَميع عَمله، وقيل إنَّ خُمَارَوَيْه وجَّه لابن أبي السَّاج ولكُتَّابهِ ستمائة ألف دِيْنار، وفَسَدت الحال فيما بين ابن أبي السَّاج وبين إسْحاق بن كُنْدَاجيق، وسَيَّر ابنُ أبي السَّاج ابنهُ دِيْودَاد (a) إلى ابن طُوْلُون رَهِيْنة، وقَدَّمَ ابن طُوْلُون عَبْد اللَّه بن الفَتْح إلى ابن أبي السَّاج، ثمّ صَار هو إليه بنفْسه، فاجْتَمَعوا على مُحَارَبةِ إسْحاق بن كُنْدَاجيق، ووَاقعوهُ في مَوضِعٍ يُعْرفُ بقَطِيْعة سُلَيم على ثلاثة فَرَاسِخ من الرَّقَّة، فانْهَزَم إسْحاق، ودَخَلَ خُمَارَوَيْه بن طُوْلُون وابن أبي السَّاج الرَّافِقَة، فدَعوا بها للأمِيْر النَّاصِر أبي أحْمَد المُوَفَّق، وكَتَبُوا إليهِ بذلك.

فلمَّا وَرَدَت كُتُب ابن طُوْلُوِن وابن أبي السَّاج إلى المُوَفَّق، أنْفَذَ المُوَفَّقُ الحُسَينَ بن عَطَّاف إلى خُمَارَوَيه برسَائِل وكُتُب معه من المُوَفَّق ومن المُعْتَمد بتَجْدِيد العَقْد له على جميع أعْمَالِ المعَاون والخَرَاج والضِّيَاع والبَرِيْد: ببَرْقَة، ومِصْر، والإسْكَنْدَرِيَّة، وأُسْوَان، والمعَادِن، وطَريْق الحِجَاز، وفِلَسْطين، والأُرْدُنّ، وصُوْر، ودِمَشْق، وحِمْص، والثُّغُور، وقِنَّسْرِيْن، والعَوَاصِمِ، وديار مضَر وما يَتَّصل بها، وتَكْنِيته في كُتُب أَمِير المُؤْمنِيْن ووَلِيّ عَهْده، وحَمَل الحُسَينُ بن عَطَّاف معه الخلعَ والتَّاج والوِشَاح والبَدَنَة من الجَوْهَر، واسْتَقَامت وِلَايَةُ ابن طُوْلُون على حَلَب، ورَتَّب فيها نُوَّابَهُ، وعادَ إلى مِصْر.

وأمَّا ابن أبي السَّاج؛ فإنَّهُ فَسَد الحال فيما بينَهُ وبين خُمَارَوَيْه بعد اجْتِمَاعهما على مُحَارَبة إسْحاق، وذلك لأنَّهُ كان لابن أبي السَّاج خَادِمٌ يُقالُ له نقِيْطا، فطَلَبَهُ ابن طُوْلُون منه وأخَذَه شَبِيهًا بالقَهْر، فأوْحَش ذلك ابن أبي السَّاج، واعْتَقَد عَدَاوتَهُ، واحْتَال في مُفَارَقته بأنْ قال له: يَنْبَغي أنْ نتَوجَّهَ في طَلَب إسْحاق لئلَّا يَثْبُت، فعَقَدَ له على ديار مُضَر وكُلّ ما افْتَتَحهُ من البُلْدان، وأنْفَذَهُ في طَلَب


(a) قيَّده في هذا الموضع بالذال المعجمة في آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>