للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسْحاق، وقد حَصَل في نَفْسِهِ منه ما حَصَل، فأنْفَذَ ابنُ أبي السَّاج كَثِيْر بن سَلَمَة الكِلَابيّ، أحَدُ قُوَّادهِ، فسَرَق نقِيْطَا الخَادِمَ من ابن طُوْلُون ببَالِس وردَّهُ إليه، فصَارَت عَدَاوتُه لابن طُوْلُون مُسْتَحْكمة، وقَصَدَهُ خُمَارَوَيْه بعد ذلك، وجرَتْ بينَهُ وبينَه وَقْعات كَثِيْرة، ضَعُفَ ابن أبي السَّاج في آخرها عن مُقَاومَتهِ لقلَّةِ مَنْ كان معه، وكَثْرة مَنْ مع ابن طُوْلُون، فهَرَبَ ابنُ أبي السَّاج، ولَحِقَ بأبي أحْمَد المُوَفَّق في سَنَة ستٍّ وسَبْعِين ومَائتَيْن.

ولمَّا آل أمرُ الخِلَافَة إلى المُعْتَضِد، صالَح المُعْتَضِد على أنْ يَقْتَصِر خُمَارَوَيْه على أعْمَال حِمْصَ ودِمَشْق والأُرْدُنّ وفِلَسْطين ومِصْر وبَرْقَة وما وَالاها ممَّا كان في يَدِه، ويُخْلي عن ديار مُضَر وقِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم وطَرِيقِ الفُرَات والثُّغُور، واتَّفقا على ذلك، وتزوَّج المُعْتَضِد ابنتَهُ قَطْر النَّدَى، وأفْنَى خُمَارَوَيْه خَزَائنَهُ في جهَازها، وأظْهَرَ من التَّجَمُّل ما لا يُحَدُّ ولا يُحْصَى، وقيل: إنَّهُ دَخَل معها مائة هَاوُنِ ذَهَبٍ في جهَازها، فإنَّ المُعْتَضِد دَخَل خِزَانَتها وفيها من المَنَائر (a) والأبَارِيق والطَّاسَات وغير ذلك من الآنيةِ الذَّهَب، فقال: يا أهل مِصْر ما أكْثَر صُفْرِكُم، فقال له بَعْضُ القَوم: يا أمِيرَ المُؤْمنِيْن، إنَّما هو ذَهَبُ. وقد ذَكرنا في تَرْجَمَةِ المُعْتَضِد وتَرْجَمَة قطر النَّدَى (١) ما فيه كِفَايَةٌ.

قَرَأتُ في كتاب الغُرَبَاءِ ممَّن دَخَل مِصْر (٢)، تأليفُ أبي القَاسِم يَحْيَى بن عليّ الحَضْرَميّ المَعْرُوف بابنِ الطَّحَّان، قال: خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون، أبو الجَيْش،


(a) كذا في الأصل، ومثله في زبدة الحلب ١: ٩١، ونقله أبو الفداء عنه مثله (اليواقيت والضرب ٧٠) والمنائر: جمع منارة؛ التي يؤذَّن عليها، ولعلها تحرفت من: المَبَاخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>