للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان فَاضِلًا، أَدِيْبًا، شَاعِرًا مُجِيْدًا، فَقِيهًا، مُتَكَلِّمًا، شُجَاعًا، حَسَن المُحاضَرَة، دَمِث الأخْلَاق، فَصِيحَ اللِّسَان، جَمِيل الصُّورَة.

أنْشَدَني مَقَاطِيعْ وقَصَائِد من شِعْرهِ بنابُلُس وبحَلَب وبدِمَشْقَ، وكان قَبْل ذلك قد اجْتازَ بناحية بُزَاعَا وبمَنْبِج مُتَوجِّهًا إلى البِلاد الشَّرْقيَّة إلى خِدْمَة عَمِّه المَلِك الكَامِل في سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين وسِتّمائة.

أنْشَدَني المَلِكُ النَّاصِر دَاوُد بن عِيسَى بنابُلُس في أرْض بَلَاطَة (١)، وقد خَرَجَ إلى لقائي، وقد توجَّهْتُ رَسُولًا إلى مِصْر (٢)، لنَفْسِه يُخاطِبُ اللَّه سُبْحَانه وتَعالَى: [من الكامل]

يا مَنْ تردى بالجَلَالِ جَمَالُهُ … وله من الأنْوَارِ حُجْبُ تبْهَرُ

مَا لي إليكَ وَسِيْلةٌ أنْجُو بها … يَوْم المعَادِ إذا أزَمّ المَحْشَرُ

إنِّي لمُعْتَذرٌ بذَنْبي غَافِل … فيما يُقَرَّبُني إليْكَ مُقَصِّر

لكنَّني أرْجُو لكُلِّ كَبِيرة … ثِقَتي بعَفْوك إنَّ عَفْوكَ أكْبَرُ

وإذا المُلُوك تكثَّرَتْ بعَدِيْدها … ألْفَيْتَني بسِوَاك لا أتَكَثَّرُ

وإذا طَغَتْ وبَغَتْ بما خَوَّلْتها … أقْبَلت نَحْوك خَاضِعًا اسْتَغْفِرُ

يا مَالِكًا رِقِّي وقَلْبي ذَائبٌ … في حُبِّهِ بين الأنَامِ مُشَهَّرُ

إنَّ النَّهَار بغير وَجْهِكَ مُظْلِم … عِنْدِي ولَيْلي من بَهَائك نَيِّرُ

أشْتَاقُ وَجْهَك لا سِوَاه إذا غَدَا … قَوْمٌ تَشُوقهم الجنان النُّضَّرُ


(١) بلاطة: تقع شرقي نابلس على بعد نحو (١ كم) منها، وتعتبر حاليًا ضاحية من ضواحي نابلس، وهي المدخل الشرقي لها، وتشرف على سهل عسكر. انظر عنها: الإشارات إلى معرفة الزيارات ٢٤، معجم البلدان ١: ٤٧٨.
(٢) سافر ابن العديم رسولًا إلى مصر عدة مرات، في سني: ٦٣٧ هـ، ٦٤٠ هـ، ٦٤١ هـ، وسافر أيضًا بعد وفاة صاحب الترجمة في سنة ٦٥٨ هـ. انظر الدراسة في أول الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>