للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بالَّذي يُرْضيهِ دُوْن نَظِيرهِ … ولو أُنْعِلَتْ بالنَّيِّراتِ مَرَاكِبُه

وبي ظَمَأٌ، رؤْياكَ مَنْهَلُ ريِّهِ … ولا غَرْوَ أنْ تَصْفُو لوِرْدِي (a) مَشَارِبُه

ومن عَجَب أنِّي لدَى البَحْر وَاقِفٌ … وأشْكُو الظَّما والبَحْرُ جَمٌّ عَجَائِبُه

وغيرُ مَلُومٍ من يَؤمُّك (b) قَاصِدًا … إذا عَظُمَتْ أغْرَاضُهُ ومَطَالِبُه (c)

وقد رُضْتُ مَقْصُودِي فتَمَّتْ صُدُوره … ومنْكَ أُرَجِّي أنْ تَتِمَّ عَوَاقِبُه

وأنْشَدَني لنَفْسِه يَرْثِي الإمَام المُسْتَنْصِر رَحِمَهُ اللَّهُ: [من الطويل]

أيا رَنَّة النَّاعِي عبثْت بمَسْمَعي … فأَجَّجْتِ نَار الحُزْنِ ما بين أَضْلِعي

وأَخْرَسْتِ منّى مِقْوَلًا ذا بَرَاعَةٍ … يَصُوغُ أفَانِيْنَ القَرِيْضِ المُوَشَّعِ

نَعَيْتِ إليَّ الجُوْدَ والبَأْسَ والنَّدَى … فأوْقَفْتِ آمالي وأجْرِيْتِ أدْمُعي

رُوَيْدًا فقد فاجَأْتِني بقَطِيْعَةٍ … يَضِيْقُ بها صَدْرُ الفَضَاءِ المُوَسَّعِ

أبا جَعْفَر يا بَانِي المَجْد بَعْدَما … تَهَدَّم رُكْن المَجْدِ في كُلِّ مَوضِعِ

ويا كَافِلَ الإِسْلَام في كُلِّ مَوطنٍ … ورَاعِي رُعَاةِ الدِّيْن في كُلِّ مَجْمَعِ

ومنْ كُنْتُ أرْجُو أنَّني في زمَانهِ … أُبادِر أيَّام الزَّمانِ المُضَيِّعِ

فأَسْتَدْرِكُ المَاضِي بفَضْلِ تَضَرُّعٍ … واسْتقبلِ الآتِي بدِرْعِ تَوَرُّعِ

أحَقًّا طَوَتْكَ الحَادثَاتُ كما طَوَتْ … قُرُونًا مَضَتْ من عَهْدِ كِسْرَى وَتُبَّعِ

وغَالَكَ رَيْبُ الدَّهْر والدَّهْرُ جَائِرٌ … إذا صَالَ لا يُبْقِي وإنْ جَال لا يَعِي

فأيْأس أمالًا تَدَانَى لها الغِنَى … فَرَاحَتْ بفَقْرٍ من رجَائك مُدْقِع

دَعَا باسْمكَ النَّاعِي على حين غَفْلَةٍ … فأَصْمَى سُوَيْدَاءَ الفُؤَادِ المُصَدَّعِ

فقُلْتُ وإنِّي في الفَصَاحَةِ قُسُّها … مَقَالَة مَسْلُوب الرَّوَيَّةِ أَلْكَعِ

أيا دَهْرُ قد آمنْتني كُلِّ خِيْفَةٍ … فلَسْتُ لمَيْتٍ بَعْدَهُ بمُفَجِّعِ

فَغُلْ كُلَّ مَأْمُور وكُلَّ مُؤَمّرٍ … وخُذْ بعْدَهُ يا دَهْرُ مَنْ شِئْتَ أو دَعِ


(a) الوافي: لدي.
(b) الوافي: يؤمل.
(c) الوافي: ومآربه.

<<  <  ج: ص:  >  >>