ولو كان خَطْبُ المَوْت يقبَلُ فِدْيَةً … ويَدْفَعُهُ سَعْي الكميّ المُدَرَّعِ
فَدَيتُكَ بالنَّفْسِ النَّفِيْسَة طَائِعًا … ودَافَعْتُ بالجَيْش اللُّهَام المُمَنَّعِ
بضَرْب طَليْقِ الكَفِّ حرَّان ثَائر … وطعْن رَبيْط الجأشِ في الرَّوْع أَرْوَعِ
ببِيْضٍ تَقُدَّ البِيْضَ من حَرِّ وَقْعِهَا … وسُمْر تردّ القِرن قَانِي المقنَّعِ
وكُلّ فَتًى يَلْقَى المَنَايا بصَدْرهِ … بقَلْبٍ ثَبوتٍ لا بقَلْبٍ مُزْعْزَعِ
يَفُضُّونَ بنيان المَقَانب في الوَغَى … بكَبَّاتِ آسَادٍ مَشَابِيْلَ جُوَّعِ
ولكنَّه مَنْ لا يُتَاقِي ويُلْتَقَى … ببَذْل فِدَاءٍ أو بأطْرَافِ شُرَّعِ
لقد كُنْتَ لي حِصْنًا حَصِيْنًا من العِدَى … إليه الْتِفَاتِي في الخُطُوب ومَفْزَعي
وعَارِض جُوْد منه أسْتَنْزل النَّدَى … فأُسْقَى بغَيْثٍ من عَطَايَاه مَرْبَعِي
فأضْحِي ومن بَحْرِ المَكَارِم مَشْرَبي … وأُمْسِي وفي رَوْض المَوَاهِب مَرْبَعِي
سَأبْكيهِ أيَّام الحياةِ وإنْ أَمُتْ … بَكَتْهُ عِظَامِي في قَرَارةِ مَضْجعِي
وأَشْكُرهُ شُكْرَ الثَّرَى لسَمَائهِ … بدُرٍّ من اللَّفْظ البَليْغ المُرَصَّعِ
وما كَلفٌ بالشَّيء مثلُ مكلَّفٍ … ولا دَاعيَاتُ الطَّبْعِ مثْلُ التَّطْبُّعِ
ولا كُلُّ مَن يُوْلَى جَميْلًا بشَاكِرٍ … ولا كُلُّ مَنْ يُدْعَى خَطِيْبًا بمصْقَعِ
هو المَرْءُ أدْنَانِي فأبعَدَ غَايَتي … ووَسَّعَ في ذَرْعِي وطوَّلَ أَذْرُعِي
فَتًى بَدَأَ الإِحْسانَ حَيًّا ومَيِّتًا … بفَرْط اصْطِنَاعٍ لا بفَرْط تَصَنُّعِ
بإسْدَاءِ مَعْرُوفٍ وإلْغاءِ مُنْكرٍ … يُسَكِّن مَسْلُوبَ الجنَان المُرَوَّعِ
وتَسْلِيمه تاجَ الخِلَافَة بَعْدَهُ … إلى خَيْرِ مَدْعُوٍّ وأوْثَق مُوْدَعِ
هَوَى قَمَرُ العَلْيَاءِ من بُرْج سَعْدِه … فأطْلعَ شَمْسَ المَجْد من خَيْر مَطْلِعِ
بفَرْعٍ نَمَا من دَوْحَةٍ طَاهِريَّةٍ … نَما عَرْفُها عن طَيِّها المُتَضَوِّعِ
بمُستعْصِم باللَّه مُنْتَصرٍ له … بحَزْمِ التَّأنِّي لا بحَزْم التَّسَرُّعِ
أقامَ مَنَارَ المُلْكِ بَعْدَ اعْوِجَاجهِ … وشيَّد وَاهِي الدِّين بعد التَّضَعْضُعِ