للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإقْدَامِ مَنْصُور وعَزْمَة قَادِرٍ … وسِيْرَة مَهْدِيّ وإخْبَاتِ طَيِّعِ

بهِ رَجعَتْ شَمْسُ المَكَارِم والعُلَى … كما رَجَعَتْ شَمْسُ النَّهَار ليُوْشَعِ

ففَرَّق شَمْلَ المالِ بعد اجْتِمَاعهِ … وجَمَّع أشْتَاتَ العَلَاءِ المُوَزَّعِ

سَأَشْكُرُ للأيَّام حِيْلَة بُرْئِها … لإبْلَالِ قلبٍ بالرَّقِلَّةِ مُوجَعِ

بإقْبَالها تُزْهَى بأكْرَم مُوْدَعٍ … وإنْ تَكُ قد وَلَّتْ بخَيْر مُوَدَّعِ

ولائي لكُم يا آلَ أحْمَدَ صَادِقٌ … وإنْ مَانَ مَذَّاقٌ ونَمَّقَ مُدَّعِ

وإنِّي لشِيْعِيُّ المَحَبَّةِ فيْكمُ … وإنْ لَمْ يَشِنْ دِيْني غُلوُّ التَّشَيُّعِ

فَلي من نَدَاكُم خَفْضُ عَيْشٍ مُرَفَّهٍ … ولي في ذُرَاكُم عِزُّ قَدْرٍ مُرَفَّعِ

أخْبَرَني المَلِكُ الأمْجَد أبو عليّ الحَسَنُ بن دَاوُد بن عِيسَى بن أبي بَكْر بن أَيُّوبَ، قال (١): سَيَّر الخَلِيفَة المُسْتَعْصِم إلى أبي رَسُولًا عندما قَصَدَ التَّتَارُ بَغْدَادَ، يَسْتَصْرخهُ ويَحُثُّه على سُرْعَةِ الوُصُول إليه ولو على الهُجْن، ويأمرُه أنْ يترُكَ أوْلَادَهُ، ويأمرُهُم أنْ يَسْتَصْحبُوا معهم مَنْ يَرى اسْتِصَحَابَهُ من أوْلادِ المُلُوك والأُمَرَاء والأجْنَاد، وكان أبي إذ ذاكَ مع العَرَب في أطْرَافِ تيْهِ بنِي إِسْرَائِيل، فَوَافاهُ الرَّسول وقد سَيَّرَ إليه المَلِكُ المُغِيْث ابن العادل ابن الكَامِل عَسْكَرًا فقَبَضَهُ، ثمّ سَيَّرَهُ إلى طُوْر هَارُون صَلَّى اللَّه على نَبِيِّنا وعليه وسَلَّم، وتَرَكَهُ هُنالكَ، فقَصَدَ الرَّسُول المَلِكَ المُغِيْث وقال له: الخَلِيفَة قد طَلَبَ هذا الرَّجُل لهذا المُهمّ العَظِيم، فسَيَّرَ إليهِ وأحْضَره، وجاء هو والرَّسُول حتَّى نَزَلا بالبُوَيْضَا خَارِج دِمَشْق على عَزْم التَّوَجُّه إلى الخَلِيفَة، فقال لي أبي: واللَّهِ يا وَلدِي ما أنا مُتَوَجِّهٌ إلى بَغْدَاد أرْجُو دُنْيا ولا تَقَدُّمًا على العَسَاكِر، وإنَّما أُرِيْدُ أنْ أبْذُل نفسِي في سَبِيْل اللَّهِ تعالَى، وأرْجُو أنْ أنْفَع المُسْلمِيْنَ، وأمُوتَ شَهِيدًا، فلعلَّ اللَّه أنْ يُكَفِّر عنِّي ما اقْتَرفتُه فيما


(١) قارن بذيل مرآة الزمان ١: ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>