للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مَيْدَان الحَصَا يَسِيْرُ، فعَرَضَ لَه ذلك الشَّاعر، وقال له: يا أمير، لي عليكَ دَيْن، فقال: والله ما أعْرِفُ لأحَدٍ عليَّ دَيْنًا! فقال: بَلَى وشَاهِدُهُ منكَ، وأخْرَج له خَطَّهُ، فلمَّا وقَفَ عليه، قال: أي والله، دَيْنٌ وأيّ دَيْنٍ، وأمرَهُ أنْ يأتي إليه إذا نَزَل، فجَاءَهُ فأعْطَاهُ ألفَ دِيْنارٍ والخلْعَة الّتي خَلَعَها عليه أتَابِك زنْكِي، وكانت جُبَّةَ أَطْلَس وعِمَامَةَ شَرْبٍ.

أَخْبرَني أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل النِّيْلِيّ (١)، قال: أُسِرَ دُبَيْس بناحيةِ الشَّام، فافْتَدَاهُ أتَابِك الشَّهِيْد بمالٍ جَزِيْل، ولمَّا حَصَل دُبَيْس عند السُّلْطان مَسْعُود، وكَتَب السُّلْطان يَسْتَدعِي أتَابِك الشَّهِيْد ليَفْتِكَ بهِ، واطَّلعَ دُبَيْسٌ على شيءٍ من ذلك، فكَتَبَ كِتَابًا إلى أتَابِك يُحَذِّرُه فيه من المجيء إليهِ، فامْتَنَع من ذلك، فعَلمَ بهِ السُّلْطانُ مَسْعُود، فكان ذلك سَبَب قَتْل دُبَيْس.

قال لي أبو عليّ النِّيلِيُّ: وأَخْبَرَني بعضُ أحْفَادِ أتَابِك الشَّهِيْد، قال: كان جَدِّي يَقُول: فَدَيْنَاهُ بالمال، وفَدَانا بالرُّوْحِ.

أخْبَرَنَا الشَّريفُ افْتِخار الدِّين أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: ذَكَرَ صَدِيْقُنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن مَحْمُود النَّيْسَابُوريّ قاضي غَزْنَة في كتاب سِرّ السُّرُور، قال: حَدَّثَني مَنْ صَحِبَ مَلِك العَرَب أبا الأَغَرَّ دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَنْصُور بن دُبَيْس الأَسَدِيّ أنَّ هِجِّيْرَاهُ (٢) كان إِنْشَاد هذين البَيْتَيْن (٣): [من الكامل]

إنَّ اللَّيالِي للأنَام مَنَاهِلٌ … تُطْوَى وتُبْسَط بَيْنَها الأعْمَارُ

فقصَارهُنَّ مع الهُمُوم طَوِيلَةٌ … وطِوَالُهُنَّ مع السُّرُور قِصَارُ


(١) تقدم ذكره في مواضع عديدة أخذ فيها ابن العديم عنه باسم: القِيْلَويّ، منسوبًا إلى بلدته قيلوية؛ من قرى بغداد، ونسبته هذه أيضًا إلى النيل قرب بغداد.
(٢) أي: عادته ودأبه.
(٣) البيتان في خريدة القصر ٥: ١٧٢ ومرآة الزمان ٢٠: ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>