للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَأَلَّى مِن بَنِي أَسَدٍ … أُسُدٌ غُلْبٌ وأَشْبَالُ

إنَّهُ ما أنْ يَزَالُ لَهُمْ … أبدًا بالشُّكْرِ إهْلَالُ

ولنِعْمَ الفَاعِلُونَ هُمُ … ما عَلِمْنَاهُم لِمَا قالُوا

وأَخْبَرَنِي الأَمِير بَدْرَان ابن جَنَاح الدَّوْلَة حُسَيْن بن مَالِكٍ، قال: حَكَى لي وَالدِي، قال: لمَّا قَدِمَ دُبَيْسٌ على وَالدِي إلى قَلْعَة جَعْبَر مُنْهزمًا من المُسْتَرْشِد أجَارَهُ وأقامَ عندَهُ، فكاتَبَهُ المُسْتَرْشِدُ في تَسْييره إليهِ، فَمَنَعَهُ منه.

قال: وقَدِمَ مع دُبَيْس أرْبَعمائة ألف دِيْنَارٍ عَيْنا، ومثْلُها جَوَاهِر، ومثْلُها عُرُوض، وأنْفَقَ في حَاشِيَة وَالدِي حتَّى بِيْعَ الدِيْنار بِثَلاثين قرْطِيسًا، قال: فقال له وَالدِي: يا أيُّها المَلِكُ، أَرْخَصْتَ علينا الذَّهَب!.

قُلتُ: وقد كان دُبَيْس، مع ما ذَكَرْنَاهُ من أفْعَالِه المُسْتَقْبَحة، على غَايةٍ من الجُوْد، ولَهُ خلَال مَحْمُودة مُسْتَملَحة؛ فمن ذلك ما أَخْبَرَنِي به بَدْرَانُ بن حُسَيْن بن مَالِك، قال: لمَّا قُبِضَ على دُبَيْس بنوَاحِي دِمَشْق، وقُيِّدَ وسُيِّر إلى أتَابِك زَنْكِي إلى حَلَب، وكان اشْتَرَاهُ بمائة ألف دِيْنَارٍ، جاءَهُ بعضُ الشُّعَرَاءِ وامْتَدَحَهُ في طَرِيْقِهِ وهو مَقْبُوضٌ عليه مُكَبَّلٌ، ولَم يكُن معه شيءٌ، فكَتَبَ له في رُقْعَةٍ هذين البَيْتَيْن ودَفَعهما إليهِ، وهمُا (١): [من البسيط]

الجُوْدُ فِعْلي ولكن ليْسَ لي مالُ … فكيفَ يَفْعَلُ من بالفَرْض (a) يَحْتَالُ

خُذْ هَاك (b) خَطِّي إلى أيَّامِ مَيْسَرتي … دَيْنًا عليَّ فلي في الغَيْبِ آمَالُ

قال: فلمَّا قَدِمَ حلَبَ على أتَابِك زَنْكي، أكْرَمَهُ واحْتَرَمَهُ، وَأَنْزَله دَارَ لاجِيْن بحَلَب، وأعْطَاهُ مائةَ ألف دِيْنارٍ، وخَلَعَ عليه خِلَعًا سَنِيَّة، فَخَرَجَ دُبَيْس ذات يَوْم


(a) الوافي: بالقرض.
(b) الوافي: فهاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>