ولله في تلكَ الحَوَادِثِ حُكْمُه … وللأرْضِ من كأس الكِرَام نَصِيْبُ
وممَّا وَقَعَ إليَّ من شِعْر دُبَيْس بن صَدَقَة ما قَرأتُه بخَطِّ عُمَر بن الرَّبِيْب في مَجْمُوع:[من الطويل]
ألَا إنَّ إخْوَاني الّذين عَهِدْتُهمْ … أفَاعِي رمَالٍ لا تُقَصِّر في لَسْعِي
ظَنَنْتُ بهم خَيْرًا فلمَّا بَلَوتُهُمْ … حَلَلْتُ بوَادٍ مِنهُمُ غَيرِ ذي زَرْعِ
سَمِعْتُ بعض الأُدَبَاءِ من أهْلِ المَوْصِل يَحْكي أنَّ أبا الفَوَارِس الحَيْص بَيْص خَرَجَ من بَغْدَاد سِرًّا إلى الحِلَّة، وامْتَدَح دُبَيْسَ بن صَدَقَة، وعاد وقد أجازَهُ بألْف دِيْنارٍ، فبَلَغَ المُسْتَرْشِد ذلك، وعَلِمَ الحَيْص بَيْص فخَافَ على نَفْسِهِ فابْتَدأ وعَمل هذين البَيْتَيْن (١): [من الخفيف]
ما دُبَيْسٌ إلَّا كجِيْفَةِ مَيْتٍ … والضَّرُورَاتُ ألْجَأتْنِي إليَهِ
ومَنِ اضْطُرَّ غير بَاغٍ ولا عَا … دٍ فلا إثْمَ في الكِتابِ علَيهِ
فبَلَغَتِ المُسْتَرْشِد، فسَيَّرَ له خَمْسِين دِيْنارًا، وزَادَ في مَعْلُومه وقَبِلَ عُذْرَهُ.
أنْبَأنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، عن أبي سَعيدٍ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد البَنْدَهِيّ (a)، قال: قُتِلَ الأَمِيرُ دُبَيْس بن صَدَقَة بن مَزْيَد في سَنَة ثلاثين، أو في سَنَة تِسْعٍ وعشرين وخَمْسِمائَة، قَتَلَهُ السُّلْطان مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مَلِكْشاه لأُمُور أنْكَرها، وأسْبَابٍ امْتَعَضَ لها نُسِبَت إليه.
وكان دُبَيْسٌ قد عَصَى على الإمَام المُسْتَرْشِد باللهِ أَمِير المُؤْمنِيْن أبي مَنْصُور الفَضْل ابن المُسْتَظْهِر باللهِ، وسَعَى في إرَاقَةِ دَمِهِ، وجَمَعَ العَسْكَر، وحَشَدَ، وقَصَدَ
(a) تقدم: الفَنْجَديهيّ، ويقال أيضًا: البَنْجَدِيْهِيّ.