للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وبَهِ تَوفِيْقِي

قال: وَيْحَك، كان دِعْبِل غُلامًا خَامِلًا أيَّام تَرَعْرع لا يُؤْبَهُ لهُ، وكان خَله لا يدركُ بَقْلَهُ (a)، وكان بينَهُ وبين مُسْلم بن الوَلِيد إزَار لا يَمْلكان غيره شيئًا، فإذا أرادَ دِعْبِل الخُرُوج جَلَسَ مُسْلمِ بن الوَلِيد في البَيْت عَارِيًا، وإذا أرادَ الخُرُوج فَعَل دِعْبِل مثْل ذلك، وكانا إذا اجْتَمَعا لدَعْوَةٍ يَتَلاصَقان، يَطْرَحُ هذا شَيئًا منه عليه والآخر الباقي، وكانا يَعْبَثان بالشِّعْر إلى أنْ قال دِعْبِلُ بن عليّ هذا الشِّعْرَ (١): [من الكامل]

أينَ الشَّبَابُ وأيَّةً سَلَكَا … لا أين يُطْلَبُ ضَلَّ بل هَلَكا

لا تَعْجَبيِ يا سَلْمُ من رَجُلٍ … ضَحِكَ المَشِيْب برَأسِهِ فبَكَى

قَصَر الغَوايةَ عن هَوَى قَمَرٍ … وجَدَ السَّبِيْل إليه مُشْتَرِكا

وغَدَا (b) بأُخْرى عَزَّ مَطْلَبُها … صبًّا يَطَا من دُوْنها الحَسَكَا

يا لَيْتَ شِعْري كيفَ يَوْمكُما (c) … يا صَاحِبيَّ إذا دَمِيْ سُفِكَا

لا تأخُذَا بظُلَامَتي أحدًا … قَلْبي وطَرْفي في دَمِيْ اشْتَرَكا

إلى آخرها.

قال: فثَقِفَ أوَّلَهُ بعضُ المُغَنِّيين فغَنَّى به هَارُونَ الرَّشِيْد فاسْتَحْسَنَه جدًّا واسْتَجَادَ قَوْله:

ضَحِكَ المَشِيْبُ برَأسِهِ فبَكَى


(a) كذا في الأصل ومثله عند ابن عساكر، ولم ترد العبارة عند ابن حمدون، ولعله من الأمثال السائرة في التقليل من الشأن.
(b) الديوان: وعدا.
(c) الديوان وابن عساكر وابن خلكان: نومكما.

<<  <  ج: ص:  >  >>