للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فأتَخَوَّفُ إنْ بَلَغَهُ أنْ يُلْقي عليَّ من الخِزْي ما يَبْقَى عليَّ الدَّهْرَ، وقصَارَاي -إنْ أنا ظَفِرْتُ به وأمْكَنني ذلك وأسْلَمَهُ (a) اليَمَنُ، وما أرَاها تُسْلمُه لأنَّهُ لِسَانُها، وشَاعِرُها، والذَّابُّ عنها، والمُحَامي دُونها- أنْ أضْربَهُ مائةَ سَوْط، وأُثَقِّلَهُ حَدِيدًا، وأُصَيِّرَهُ في مُطْبِق باب الشَّامِ، وليس فيَّ ذلك عِوَضًا ممَّا سَارَ فيَّ من الهِجَاءِ، وفي عَقِبي من بَعْدي، وقُلتُ: أَتُراه كان يَفْعَل ويُقْدِم على ذلك؟ قال: يا عَاجِزُ، أهْوَنُ عليه ممَّا لَم يكُن! أتَرَاهُ أقْدَم على سَيِّدِي هَارُونَ، ومَوْلاي المَأْمُون، وعلى أبي نَضَّرَ اللهُ وَجْهَهُ، ولَم يكُن يُقْدِم علَيَّ؟ قال: قُلتُ: إذا كان الأمْرُ على ما وَصَف الأَمِيرُ فقد وُفِّق فيما أخَذَ عليَّ.

قال: وكان دِعْبِلُ لي صَدِيْقًا، فقُلتُ: هذا قد عَرفْتُه، ولكن من أينَ قال الأَمِيرُ إنَّهُ مَدْخُول النَّسَب؟ فواللهِ لعَلِمتُه في البَيْت الرَّفِيْع من خُزَاعَة، وما أعْلَم فيها بَيْتًا أكْرَم من بَيْتهِ إلَّا بيْت أُهْبَان مُكَلِّم الذِّئْب؛ وهُم بنو عَمِّه دِنْيَةً.

آخر الجزُء الثَّامن والتِّسْعِين والمائة من كتاب بُغْيَة الطَّلَب في تَاريْخ حَلَب، ويَتْلُوه في أوَّل الجُزءِ التَّاسِع والتِّسْعِين والمائة تَمَام الحِكايَة، قال: وَيْحَك كان دِعْبِل غُلامًا خَامِلًا أيَّام تَرَعرع لا يُؤْبَهُ له.

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالِمَين كَثِيْرًا، وصَلَّى الله على سَيِّدنا مُحَمَّد نَبيّه المُصْطَفَى، وعلى آله الطَّاهِرين وصَحْبه أجْمَعِين، وسَلّم تَسْليمًا دَائمًا إلى يَوْم الدِّين.


(a) الأصفهاني وابن حمدون وابن عساكر: وأسلمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>