للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر، فيما أذِنَ لي في رِوَايته عنهُ، قال: أنْبَأنَا الأَثِيْر أبو المَعَالِي الفَضْل بن سَهْل، عن الخَطِيب أبي بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت (١)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن عَبْد الله المُقْرِئ العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن جَعْفَر التَّمِيْمِيّ الكُوْفيّ المَعْرُوف بابنِ النَّجَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الأنْبارِيّ قراءةً، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: قَرَأتُ على أبي جَعْفَر أحْمَد بن عُبَيْد، قال: قال صِيْنِيّ (a) - وهو أحْمَدُ بن عَبْدِ الله، رِوَايَةُ كُلْثُوم بن عَمْرو العَتَّابِيّ- وكان سَميرًا لعبد الله بن طَاهِر أنَّ عَبْد الله بن طَاهِر بينا هو معه ذات لَيْلَة إذْ تَذَاكرا الأدَبَ وأهْله، وشُعَرَاءَ الجَاهِلِيَّة والإسْلَام إلى أنْ صارَا إلى المُحْدَثيْن، فذكَرَا دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ، فقال له عَبْد الله بن طَاهِر: وَيْحَك يا صِيْنِيّ، إنِّي أُرِيْدُ أنْ أُوْعِز إليكَ بشيِءٍ تَسْتُره عليَّ أيَّام حَيَاتي، قال: قُلتُ: أصْلَح اللهُ الأَمِير، أنا عَبْدُكَ وأنا عندك في مَوضِع تُهْمَة؟ فقال: لا، ولكن أَطْيَب لنَفْسِي أنْ تُوَثِّق لي بالأيْمان لأرْكن إليها ويَسْكُن قَلْبي؛ عندها فأُخْبرك، قال: قُلتُ: أصْلَح اللهُ الأَمِير، إنْ كُنْتُ عندَك في هذه الحال فلا حَاجَة بكَ إلى إفْشَاءِ سرِّكَ إليَّ، واسْتَعْفَيتُهُ مِرَارًا فلَم يُعْفِني، فاسْتَحْييتُ من مُرَاجَعَته، فقُلتُ: ليرَى الأَمِيرُ رَأيهُ، فقال: يا صِيْنيّ، قُلْ: والله، فقُلتُ: واللهِ، فأمَرَّهَا عليَّ غَمُوسًا ووكَّدَها بالبَيْعَةِ والطَّلَاق وكُلَّ ما يَحْلفُ به مُسْلمٌ، ثُمَّ قال: وَيْلَكَ يا صِيْنِيّ، أشَعَرت أنِّي أَظُنُّ أنَّ دِعْبِلًا مَدْخُول النَّسَب، وأمْسَكَ! قال: قُلتُ: أصْلَح اللهُ الأَمِيرَ، أفي هذا أخذْتَ عليَّ الأيْمَانَ والعُهُودَ والمَوَاثِيْقَ!؟ قال: إي واللهِ، قُلتُ: ولِمَ ذاك؟ قال: لأنِّي رَجُلٌ لي في نَفْسِي حاجَةٌ، ودِعْبِل رَجُل قد حَمَل جِذْعَهُ (b) على عُنُقه، ولا يَجِدُ من يَصْلبُه


(a) في تاريخ ابن عساكر حيثما يرد: ضبي، وفي الأغاني: محمد بن موسى الضبي راوية العتابي.
(b) في طبقات الشعراء لابن المعتز ٢٤٣: "أن دعبلًا نحت خشبة وجعلها على عنقه يدور بها، يطلب من يصلبه … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>