للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبَعْضُهم يَقُول قُرَيْشُ قَوْمي … وِيدفَعُه المَوَالِي والصَّمِيْمُ

وبعضٌ في خُزَاعَةَ مُنْتَماهُ … ولاهُ (a) غير مَجْهُول قَدِيْمُ

وبعضُهُم يَهَشُّ لآل كِسْرَى … ويَزْعَمُ أنَّهُ عِلْجٌ لَئِيمُ

لقد كَثُرت مَناسِبُهُم علينا … فكُلّهُم على حَالٍ زَنِيْمُ

فهذه الثَّالثةُ يا صِيْنِيّ.

وأمَّا الرَّابِعةُ؛ فإنَّهُ لمَّا اسْتُخلفَ المُعْتَصِم بالله دَخَلَ عليهِ دِعْبِل ذات يَوْم، فأنْشَدَهُ قَصِيدَةً، فقال: أحْسَنْتَ واللهِ يا دِعْبِل، فاسْألني ما أحْبَبْت، قال: مائة بَدْرَة، قال: نَعَمِ على أنْ تُمْهلنِي مائة سَنَة وتَضْمَن لي أجَلي معها، قال: قد أمْهَلْتُك ما شئتَ، وخَرَجَ مُغْضَبًا من عنده، فلَقِي خَصِيًّا كان عَوَّدَهُ أنْ يُدْخِل مَدَائِحَهُ إلى أَمِير المُؤْمنِيْن، ويَجْعَلَ له سَهْمًا منٍ الخلوَةِ إذا قَبَضَها، فقال: وَيْحَكَ؛ إنِّي كُنْتُ عندَ أَمِير المُؤْمنِيْن وأغْفَلْتُ حاجةً لي أنْ أذْكُرها له، فأَذْكُرُها في أبْيَاتٍ وتُدْخِلها إليه، قال: نَعَم ولي نصْفُ الجَائِزَة، فمَاكَسَهُ ساعةً ثمّ أجابَهُ إلى أنْ يَجْعَل له نصْفَ الجَائِزَة، فأخَذَ الرُّقْعَة فكَتَبَ فيها (١): [من مخلع البسيط]

بَغْدَادُ دَارَ المُلُوكِ كانت … حتَّى دَهَاهَا الّذي دَهَاها

ما غَابَ عنها سُرُورُ مُلكٍ … أعَارَهُ بَلْدَةً (b) سِوَاهَا

وما سُرِ مَرَّى بسُر مَرَّى (c) … بل هي بُؤسٌ لمَنْ يَرَاهَا

عَجَّل رَبِّي لها خَرَابًا … برَغْمِ أَنْفِ الّذي بناهَا

وخَتَمَها ودَفَعها إلى الخَصِيّ، فأدْخَلَها إلى المُعْتَصِم، فلمَّا نَظَر إليها قال للخَصِيّ: مَنْ صَاحِبُ هذه الرُّقْعَة؟ قال: دِعْبِل يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وقد جَعَل لي يا


(a) الديوان والتذكرة وابن عساكر: ولاءٌ.
(b) الديوان: عاد إلى بلدة.
(c) الديوان: ليس سرور بسرَّ من را.

<<  <  ج: ص:  >  >>