للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَقيًا ورعْيًا لأيَّامِ الصَّبَاباتِ … أيَّامَ أرْفُلُ في أثْوَابِ لَذَّاتي

أيَّامَ غُصْني رَطِيْبٌ من لدُونَتهِ … أَصْبُو إلى غير كنَّاتي وجَارَاتي

دَعْ عنكَ ذِكْرَ زَمَانٍ فاتَ مطْلَبُهُ … واقْذِفْ برِجْلِكَ عن مَتْنِ الجَهَالاتِ

واقْصِدْ بكُلِّ مَدِيْحٍ أنْتَ قائلُهُ … نحوَ الهُدَاةِ بني بَيْتِ الكَرَامَاتِ

فقال المَأْمُون: إنَّهُ وجَد واللهِ مَقَالًا، فقال: ونالَ من بَعِيْد ذِكْرهم ما مِن غيرهم لا يُنَال.

قال: ثُمَّ أنْشَد له المَأْمُون في بَعْضِ غُنَيَّاتِهِ (a): [من الطويل]

وقَائلةٍ لمَّا اسْتَمَرَّت بي (b) النَّوَى … ومَحْجِرُها فيه دَمٌ ودُمُوعُ

تُرَى بعد هذا (c) اللَّذين تحمَّلُوا … إلى بَلَدٍ فيه الشَّجيُّ رُجُوعُ (d)

فقُلْتُ: ولم أمْلِك سَوَابقَ عَبْرَةٍ … نَطَقْنَ بما ضَمَّت لهنَّ (e) ضُلُوعُ

تألَّ (f)، فكم دَارٍ تَفَرَّقَ شَمْلُها … وشَمْلُ شَتِيْتٍ عَادَ وهو جَمِيْعُ

كذاكَ اللَّيالِي صَفْوهُنَّ (g) كما تَرَى … لكُلِّ أُنَاسٍ جَدْبَةٌ (h) ورَبِيعُ

يا قَاسِمُ، ما عُرِضْتُ على سَفَرٍ إلَّا هيَّأتُ هذه الأبْيَات مُخاطِبَةً لي، ونَصْبًا بين عَيْنيَّ، ومُحَدِّثةً لي في أوْبَتي، ومُسَلِّيةً عن فُرْقتي، إنَّ الفَهِمَ إذا فَهِمَ المَعْنَى اسْتَحْسَنَهُ، وإنَّ المُسْتَغْلِقَ إذا لَم يَفْهَمْهُ اسْتَبْرَمَهُ.

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا المُبارَكُ بن عليّ


(a) عند ابن عساكر ١٧: ٢٥٠: عبثاته، وانظر الأبيات في ديوان دعبل الخزاعي ٢٢٦ - ٢٢٧، وتاريخ الإسلام ٥: ١١٣٣.
(b) الديوان وتاريخ الإسلام: بها.
(c) الديوان: ألم يأنِ للسفر.
(d) الديوان: إلى وطن قبل الممات رجوع.
(e) الديوان وتاريخ الإسلام: عليه.
(f) الديوان: تبيَّن، تاريخ الإسلام: تأن.
(g) الديوان وتاريخ الإسلام: صرفهن.
(h) الأصل: جذبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>