للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ ذاك صَبِيًّا لَم أبْلغ الحُلُم، وسَمِعَ المَلِكُ الظَّاهِر غَازِي بقُدُومه فخَرَجَ إلى لقائه، فوَصَلِ طَارِدًا فَرَسَهُ، فَوَصَلَ إلينا ونحنُ معه شَرْقي مَسْجِد السبرير (a)، فتَرَجَّل له عن فَرَسه، ومَشَى إليهِ وتبَرَّك بهِ، ودَخَلَ ونحنُ معه إلى الشَّيْخ عليّ بن الصَّكاكَّ (b) أبي الحَسَن الفَاسِيّ، وأحضَرَني وَالدِي بينَ يَدَيْهِ بحَضْرَة الشَّيْخ أبي الحَسَن، واسْتَقْرَأني شَيئًا من القُرْآن العَظِيْم فقَرَأتُه، ودَعا لي رَحِمَهُ اللهُ.

وسَمِعْتُه في ذلك اليَوْم يقول للشَّيْخِ أبي الحَسَن: يا شَيْخ، مُتْ حتَّى نَمُوتَ! فاتَّفَقَ أنَّ الشَّيْخ أبا الحَسَن تُوفِّي سَنَة إحْدَى وستِّمائة، ثمّ تُوفِّي رَبِيْع في أوَائِل سَنَة اثْنَتَيْن وستِّمائة، ثمّ إنَّ الشَّيْخ رَبِيْع انْفَصَل منِ زَاوِيَة الشَّيْخ عليّ الفَاسِيّ ودَخَلَ معنا إلى المَسْجِد، فأقام به عندنا مُدَّة، ثمّ سَافَر.

وكان الشَّيْخ رَبِيْع حَنَفيِّ المَذْهَب، وسَمِعَ الحَدِيْث من الحافِظ أبي مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ بن الحَسَن، ورَوَى عنهُ وعن ابن أبي الصَّيْف المَكّيِّ، رَوَى لنا عنْهُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أحْمَد بنِ قُرْنَاص، وعَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، وحَكَي لي عنه أبو مُوسَى عِيسَى بن سَلامَة الحَضْرَميّ، وَأبو الحَجَّاج يُوسُف بن أبي طَاهِر الجَزَرِيّ الكُرْدِيّ، والأَمِير عليّ بن سُلَيمان بن أَيْدَاش أمير الحَاجّ الشَّاميِّ، والقَاضِي أبو عَبْد الله مُحَمَّد ابن شَيْخنا أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن ابن الأُسْتَاذ، وعَمِّي أبو المَعَالِي عبد الصَّمَد بن هِبَة الله، والشَّيْخ أبو القَاسِم الإسْعِرْديّ نَزِيلُ البَيْت المُقَدَّس، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي سَعْد.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن أحْمَد بن قُرْنَاص بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ أبو الفَضْل رَبِيْع بن مَحْمُود بن هِبَة اللهِ المَارِدِيْنِيّ بحَمَاة، وقد قَدِمَ علينا


(a) كذا قيَّد اسمه، وصورته مسجد المسبرئر ولم أهتد لمعرفته، ولم أجد ما يُقارب رسمه ضمن تعداد ابن شداد للمساجد التي بداخل حلب والتي خارجها.
(b) يذكره في الجزء التاسع بعده (في ترجمة سعد الله المنبجي): السكاك، بالسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>