للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأهْل العِرَاق خَاصَّة ولجمَيع بلادِ الإسْلَام عامَّة، وما رَأينا مثلَهُ، وكان مُقَدَّمًا على الشُّيُوخ الفُقَهاء، وشُهُود الحَضْرة، وهو شَابٌّ ابنُ عِشْرين سَنَة، فكيفَ به وقد نَاهَزَ التِّسْعين سَنَة، وكان مُكَرَّمًا، وذا قَدْر رَفِيع عند الخلفاء منذ زَمَن القَادِر ومَنْ بعْدَهُ من الخُلَفاء إلى خِلَافة المُسْتَظْهِر.

أخْبَرنا أبو هَاشِمِ عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهَاشِميّ، قال: أخْبَرنا أبو سَعْد عَبْد الكَريْم بن مُحمَّد بن منْصُور السّمْعَانيّ، قال: رِزْق الله بنِ عبد الوَهَّاب بِن عَبْد العَزِيْز بن الحَارث بن أسَد بن اللَّيْث بن سُلَيمان بن الأسْود بن سُفْيان بن يَزِيْد بن أُكَيْنَة بن الهَيْثَم بن عَبْدِ اللهِ التَّمِيْميُّ، أبو مُحمَّد بن أبي الفَرَج بن أبي الفَضْل.

كان يَسْكُن باب المَرَاتِب، فَقِيْهُ الحَنَابلَة وإمَامهم في عَصْره، قَرَأ القُرآن والحَدِيث والفقْه والأُصُول والتَّفْسِير والفَرَائضَ واللُّغَة والعَرَبيَّة، وعُمِّر حتَّى صارَ يُقْصَد من كُلَّ جَانِب.

وكان حَسَنَ الأخْلَاق، مَلِيْح المحاوَرة، كَثِير المَحْفُوظ، مَجْلِسهُ كان جَمَّ الفَوَائد، وكان يُنْشِد الأشْعَارَ الرَّائِقَة لغيره ولنَفْسهِ، حُمِلَ عنهُ ونُقِلَ عنه الكَثِير، وانْتفَع النَّاسُ بهِ، وكان يَجْلِسُ في حَلْقَةِ أبيهِ بجَامع المَنْصُور للوَعْظ والفَتْوى، وكان حَسَنَ العِبَارة، مَلِيْح الإشَارة، فَصِيْح اللِّسَان إلى سَنَة خَمْسين وأرْبَعمائة، ثُمَّ انْقَطَع عن المُضِيّ إلى جَامِع المَنْصُور، وانتقَل إلى دَار الخِلَافة ببَاب المَرَاتِب، وكان يمضِي في السَنة أرْبَع دفعَاتٍ؛ في رَجَب وشَعْبان، إلى مَقْبَرة أحْمَد بن حَنْبَل، رَحِمَهُ اللهُ، ويَعْقد مَجْلِسَ الوَعْظ ثَمَّ، ويَجْتَمع عليهِ الخَلْقُ الكَثِيرُ والجَمُّ الغَفِير لاسْتِماع كَلَامهِ.

قَرَأ القُرآن على أبي الحَسَن بن الحَمَّامِيّ، وسَمِعَ الحَدِيثَ من أبيهِ أبي الفَرَج عبد الوَهَّاب، وأبي عُمَر عَبْد الوَاحِد بن مُحمَّد بن مَهْدِي الفَارِسيّ، وأبي الحُسَيْن أحمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>