للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وهذا مَرْج الأحْمر هو المَرْج المَعْرُوف الآن بمَرْج تلِّ السُّلْطَان، ولا يُعْرف الآن بمَرْج الأحمر؛ ويُعرفُ قُوَيْق تحت جَبَل جَوْشَن بالعَوَجَان، لاعْوجَاجِه في ذلك المَوْضِع. قال الصّنَوْبَريّ من أبياتٍ (١): [من المنسرح]

والعَوَجَانُ الّذي كَلفْتُ بهِ … قد سُوَّيَ الحُسْنُ فيهِ مُذْ عُوّجْ

وقال أبو نَصْر مَنْصُور بن المْسَلَّم بن أبي الخُرْجَين الحَلَبيَّ من أبْياتٍ (٢): [من الطويل]

هل العَوَجَان الغَمْرُ صافٍ لوَارِدٍ … وَهَل خَضَّبَتْهُ بالخَلُوق مُدُودُ

وكان سَيْف الدَّوْلَة ابن حَمْدَان، لَمَّا ابْتَنى قَصْره بالحَلْبَة، سَاقَ نَهْر قُوَيْق من المَوْضِع المَعْرُوف بالسَّقَّايات وأدْخَلهُ في قَصْره في شُبَّاكٍ يَجْري في القَصْر، ثم يَخْرج من جانبهِ القِبْليّ في شُبَّاكٍ آخر، ثمَّ يصبّ في النَّهْر الأصْليَّ عند المَوْضِع المَعْرُوف بالفَيْض؛ وكان قد رأى في منامِه كأنَّ حَيَّة قد تطوَّقَتْ على داره، فعَظُم عليه ذلك، فقال لَهُ بعضُ المُفَسِّرين: الحيَّةُ في النَّوم: ماءً، فأمَرَ بحَفْرٍ يُحْفَرُ بين داره وبين قُوَيْق حتَّى أدارَ الماء حول الدَّار، وقضَى الله أنَّ الرُّوم خَرجُوا، فصبَّحُوا حَلَب، واسْتَولَوا على دارِ سَيْف الدَّولةِ، وأخَذوا منها أموالًا عَظِيمَة، وذلك في سَنة إحْدى وخَمْسين وثَلاثِمائة، وخَرِبَتِ الدَّار، فعادَ النَّهرُ إلى ما هو عليه الآن.

أخْبَرنا تَاجِ الأُمَناء أحمد بن مُحمَّد بن الحَسَن الدَّمَشْقيِّ كتابةً، واجْتمَعتُ بهِ في مجلسِ شَيْخنا أبي اليُمْن الكِنْدِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا عَمَّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدَّمَشْقيِّ (٣)، قال: أخْبَرنا أبو القَاسِم نَصْر بن أحمد بن


(١) ديوان الصنوبري ٤٠٤، وضبطه في الديوان: "مُذ عَوَّج"، وانظر: نهاية الأرب ١: ٢٨٢.
(٢) البيت والقصيدة في خريدة القصر ١٢: ١٧٤.
(٣) تاريخ ابن عساكر ٢١: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>