للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأهْلِ النَّجْدَة والبأسِ ودَخَلَ إلى قُرَّة، وقَلُونِية، وسَمَنْدُو، فسَبَى أهْلَها، ونَهَبَ وقَتَل وأحْرقَ، وغَنم غَنَائِم كَثِيْرة، ومنها غَزَاتهُ في سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة الّتي غَزَا من طَرَسُوس بأهْلها إلى قيسارِيَّة وهِرَقْلَة، فدوَّخَ تلك البِلاد، وغَنِم غَنَائِم كَثِيْرة.

فلمَّا ضَعُفَ أمْر الثُّغُور، وتَراجَع أمْرُ سَيْف الدَّوْلَةِ، وكَرِهَهُ أهْلُ الثُّغُور، واسْتَولَى الرُّوم على المِصِّيْصَة وعَيْن زُرْبة وطَرَسُوس، والْتَجأ أكْثَر أهْل الثَّغْر إلى أنْطَاكِيَة، حَصَلَ رَشْيْق النَّسِيمِي في أنْطَاكِيَةَ، وقَطَعَ خُطْبَةَ سَيْف الدَّوْلَة، وكان سَيْف الدَّوْلَة قد تَوَجَّه إلى دِيَار بَكْر لإقَامَةِ الفِدَاءِ في سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، واسْتَنَاب الحَاجِب قرغُويْه في حَلَب، فاسْتَأمَن أبو يَزِيد (a) الشَّيْبَانِيّ ودِزْبَر بن أُوْنيم الدَّيْلَميِّ وجَمَاعَة من الدَّيْلَم الّذين كانُوا مع الحَاجِب بحَلَب إلى رَشيْق، وَأطْمَعوا رَشِيْقًا في حَلَب، وحَمَلَهم على ذلك رَجُل سَاقط يُقال له ابن الأَهْوَازِيّ؛ كان يَتَضَمَّن الأرْحَاء بأنْطَاكِيَة، وأدْخَلُوا معهم في الرَّأْي رَجُلًا عَلَويًّا يُعْرَفُ بالأفْطَسِيّ، كان مُنْحَرفًا عن سَيْف الدَّوْلَة، فجَبَى ابن الأهْوَازِيّ الأمْوَال.

فلمَّا أظْهَر رَشِيْق مُبَايَنة سَيْف الدَّوْلَة، وحَصَل عندَهُ مَنْ حَصَل، سَيَّرَ الحاجِب قرغُوَيْه غُلَامَهُ يُمْن في عَسْكَر إلى رَشِيْق، فخَرَجَ إليهِ رَشِيْق من أنْطَاكِيَة، والْتَقَوا بناحية أرْتاح، فاسْتَأمَن يُمْن إلى رَشِيْق، وخَلَّى عَسْكَره، فعَادُوا إلى حَلَب، وسَار رَشِيْق، وحَصَل على باب حَلَب وحَصَل على باب اليَهُود؛ وهو المَعْرُوف الآن بباب النَّصْر، وزَحَفَ على باب اليَهُود، فَخَرَجَ إليه بشَارة (b) الخادِم الإخْشِيْذيّ، خَادِم سَيْفِ الدَّوْلَةِ في جَمَاعَةٍ معه، فقَاتَل إلى وقْتِ الظُّهْر، فانْهَزَم


(a) في زبدة الحلب ١: ١٤٢: ابن يزيد، وسماه ابن شداد (الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ٩٠) سلامة بن يزيد الشيباني.
(b) الأصل: نشارة، ويأتي قريبًا بالباء، والمثبت كما في زبدة الحلب ١: ١٤٢، اليواقيت والضرب ١١٩، ابن خلدون: العبر ٧: ٧٥٣، المقريزى: المواعظ والاعتبار ٣: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>