للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يَتَضَمَّن بها المُسْتَغَلَّات لسَيْف الدَّوْلَةِ، وكان قد حَصَل في أنْطَاكِيَة رَجُلٌ من وُجُوه أهْلِ الثَّغْر اسْمُه رَشِيْق يُعْرَفُ بالنَّسِيْمِيّ، فعَمل له ابن الأهْوَازِيّ كِتَابًا ذَكَرَ أنَّهُ من الخلَيفَة ببَغْدَاد بتَقْلِيدِهِ أعْمَال سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فقُرئ على مِنْبَر أنْطَاكِيَة، وكان قد اجْتَمَع لابن الأهْوَازِيّ جُمْلَةٌ من مال المُسْتَغلِّ، وطَالَبَ قَوْمًا بوَدَائِع ذَكَرَ أنَّها عندَهُم، فعَرَض الرِّجَال، وقبَّضَهم من أمْوَالِ أنْطَاكِيَة، وفَرَضَ لجَمَاعة فُرْسَان ورجَّالة؛ أكْثَرهم من أهْلِ الثَّغْرِ، وسَار بهم إلى حَلَب في عَسْكَرٍ كَبرٍ، فحَاصَرُوا قرغُوَيْه الحاجِب في القَلْعَة بحَلَب، وكان القِتَال يَجْري بينهم كُلّ يَوْم مُدَّة شُهُور، وقُتِلَ رَشِيْق النَّسِيْمِيّ في الحَرْب، وكان فيما قيل مُتَوجِّعًا، وعَقَدَ ابنُ الأهْوَازِيّ الإمَارة بعد رَشِيْق النَّسِيمِيّ لرَجُلٍ دَيْلَميّ كان من رِجَالِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ يُقالُ له: دِزْبَر (١)، وعادَ بالعَسْكَر إلى أنْطَاكِيَة.

هكذا ذَكَرَ العُظَيْميّ وابن المُهَذَّب كما حَكَينا عن كُلِّ واحدٍ منهُما؛ والصَّحيحُ أنَّ اسْتِيْلَاء رَشِيْق على مَدِينَة حَلَب دُون القَلْعَة في ذي القَعْدَة من سَنَة أرْبعٍ وخَمْسِين، وقتلَ رَشِيْق على باب حَلَب في صَفَر سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة.

قَرأتُ بخَطِّ ثَابِت بن سِنَان بن قُرَّة المُؤرِّخ في جُزءٍ كَتَبَ فيه وَفَيَات مَنْ تُوفِّي من الأعْيَان من سَنَة ثَلاثمائة إلى السَّنَة الّتي تُوفِّي فيها، قال ثَابِتٌ: رَشِيْق النَّسِيْمِيّ المُتَغلِّب على حَلَب، قُتِلَ في اليَوْم الرَّابِع من صَفَر سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة.


(١) دزبر بن أونيم، تقدمت ترجمته في الجزء قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>